السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنه ظل بليل يجتاحنا حينما نقف لحظة مع الحياة وفلسفة الاحياء .. حينها تشتاق إلينا أنوار البهجة التي تشع من فسحة عميقة في انفسنا بعد أن هدمتها ثقافة الموت والظلام ..
لتعلن عن الميلاد الجديد .. ميلاد اليوم المتجدد وميلاد الإنسان الجديد .. كما ينبغي أن يكون هذا الإنسان حتى يستحق الخلافة ..
بدأت بذور الحسد في الأرض منذ بداية الاستخلاف في الأرض ليبدأ مشروع ثقافة الموت ..وليعلن بداية الأنا الهدامة المجرمة.. وليبدأ معركة الحق والباطل ..
{ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ
يصور لنا القرآن الكريم قصة الحسد وثقافة الموت وثقافة الحياة
أما بذور ثقافة الموت...
قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ,,, بكلمة صغيرة دون جدال أو نقاش ..
أما الآخر الذي نبتت منه ثقافة الحياة
قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ27 لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ28إ ِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ
يظهر الله منطق صاحب الثقافة العظيمة .. وقوة حجيته .. هذا منطق كل من يحمل هذه الثقافة وهذه عقليته المتوازنة ...
أما الآخر فهو سجين النفس الحاسدة نفسه المقادة الملجمة بلجام الغيرة والحقد 29 فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ
كان الحسد و الجنس والغريزة أول باب فتحه الشيطان في بني الانسان ليسعر ناره فلم تحرق إلا شخصه .. رغم الألم الذي سببه للآخر فالآخر أصبح مثال لثقافة النقاء .. ولثقافة الحياء والحياة ..
31) مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا
المائدة
أما الفصل الثاني.. من هاتين الثقافتين.. مع يوسف وأخوته .. حينما كانت الغاية تبرر لهم الوسيلة ... ومهما كانت الوسيلة في الغاية .. مع التسويف .فهي واحدة مهما اختلف الزمن والاشخاص..
ومهما كانت الأزمة والشخصيات فثقافة الحياة لا بد لها أن تسود رغم القتل ..
هؤلاء يحملون حقداً قد احرق قلوبهم على أخ صغير .. لا يستطيع أن يدافع عن نفسه أمام نسمة ريح عليلية فكيف من بشر مستذئبين
(( اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين)) الغاية .. وجعه أبيهم.. الوسيلة قتل بلا رحمة..
هؤلاء الوحوش ابطال قصة .. الموت..
أما بطلنا..
حينما.. بلغ اشده وتخلص من ثقافة الموت الثانية .. موت الحياء والعفة مع زوجة العزيز.و النساء الباغيات من الطبقة المخملية ..
{قال ربي السجن أحب إلي مما يدعونني إليه..}
استحق أن يكون بطلاً عظيماً من ابطال فلسفة الحياة . اختار له الله الحياة ليحطم امام قدميه تلكم الثقافة الهالكة.. التافهة...
وليترفع عن الإنتقام لأنه صاحب مشروع رائع .. مشروعه الذي لابد أن يسود مهما كان ظلام القتل..
_
يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ﴿87﴾ فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينآ إن الله يجزي المتصدقين
حينما ينكسر الباطل امام اقدام الحق .. حتى لو كان هذا الباطل حمّال لثقافة الموت فإن صاحب الحق أعظم من الانتقام.. وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عيظم ثقافة الحياة .. يقول للحربيين من قريش .. ما ذا تروني فاعل بكم.. . رجل يعرفه قريش بالامانة والرحمة والعظمة..
اخ كريم ابن اخ كريم..
ثقافة الحياة منتصرة دائماً ..
اذهبوا وانتم الطلقاء..
اما يوسف عليه السلام..
ماكانو من قومه ولا عشريته فحسب بل اخوته..اقرب الناس له..
﴿88﴾ قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون ﴿89﴾ قالوا أإنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ﴿90﴾
موعظة عيظمة دون التشفي.. ودرس لكل جيل.. وكل فرد يستجق أن يكون خليفة لله في أرضه..
الأخ الصغير يوسف.. والوحوش البشرية .. من جديد يلتقون .. كانوا يملكون القوة والآن لا حولة ولا قوة.. ويوسف الصغير.. الآن..اعظم شخصية واقوى من كثرة اخوته.. إلا أنه يبقى يحمل تلك الثقافة..
(( قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين))
الاعتراف .. بثقافتهم ..
((قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ))
عظمة ثقافته العظيمة.. تنفجر بأنوار الرحمة.. ..لتحطم كل قيود الظلام الملبد..
ليكون النتيجة الحتمية لهذه الثقافة .. هي الفلاح والرفعة والعظمة حتى أنه ليخر الباطل اماه
فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ﴿99﴾ ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا...
إلى شهداء حلبجة.. وكوسوفو إلى كل مظلوم ..وكل جرح .. مفتوح في كبدنا..وجسدنا..
أنكم الأعلون..
وأن نير الظلم لمنحطم..أمام اقدامكم..ولو بعد حين..
في الحديث القدسي..
يرفع الله دعاء المظلوم فوق السحاب.. وينادي .. بعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين..