عثر في السادس من الشهر الجاري، على جثة الصحفي الكردي الشاب، سرداشت عثمان، مقتولا في مدينة الموصل.. قضية مقتل عثمان (أو
اغتياله) هزت الرأي العام العراقي، خصوصا في الجانب الكردي منه.. الاتهامات توزعت على اكثر من جهة، ولكن الرسائل التي تركها عثمان قبل اغتياله تكشف الكثير.. رسائل عثمان ترجمت من اللغة الكردية الى العربية، وهي رسائل ثلاث، هذه هي بالنص:
قبل اغتياله: سرداشت عثمان يترك (3) رسائل تشير الى قاتليه
المقال الاول :
انا اعشق بنت مسعود البرزاني
انا أعشق بنت مسعود البرزاني. هذا الرجل الذي يظهر من شاشة التلفزيون ويقول انا رئيسك. لكنني أود ان يكون هو (حماي) اي والد زوجتي.اي انني اريد ان اكون عديلا لنيجيرفان البرزاني. حين اصبح صهرا للبرزاني سيكون شهر عسلنا في باريس، ونزور قصر عمنا لبضعة ايام في امريكا. سانقل بيتي من حيينا الفقير في مدينة اربيل الى مصيف \"سري رش \"حيث تحرسني ليلا كلاب أمريكا البوليسية وحراس اسرائيلييون.
والدي الذي هو من (بيشمركة) أيلول القدامى، والذي يرفض الحزب الديمقراطي الكردستاني الى اليوم تقديم خدمات التقاعد له لأنه ليس ضمن صفوف الحزب في الوقت الحالي، سأجعله وزيرا للبيشمركة.
أخي الذي تخرج في الكلية، وهو الآن عاطل عن العمل ويريد الذهاب الى الخارج كلاجئ، سأعينه مسؤولا لحرسي الخاص. اما اختي التي مازالت تخجل من الذهاب الى السوق فعليها ان تقود أفخر السيارات مثل بنات العشيرة البرزانية. و أمي التي تعاني امراض القلب والسكر وضغط الدم ولاتملك المال للعلاج خارج الوطن، سأجلب لها طبيبين ايطاليين خاصين بها إلى البيت. وسأفتح لأعمامي دور ضيافة وأعين أبناء عمومتي واخوالي نقباء وعمداء ألوية في الجيش. لكن أصدقائي يقولون لي \"سرو\" (تصغير اسم سرداشت-المترجم) دع عنك هذا الامر فهذه عائلة الملا (يقصد الكاتب عائلة الملا مصطفى البرزاني والد مسعود-المترجم) ما ان قالوا انتهى امرك حتى صار قتلك حتمياً. لكنني لا أكفر. أحلف بمقبض خنجر ملا مصطفى البرزاني ان والدي قضى ثلاث ليال متوالية في احد الجبال مع ادريس البرزاني ابن الملا. لذلك فما الضير ان يقول مسعود البرزاني انا رئيسكم؟ ولكن فليقل الرئيس كم مرة زار حياً من احياء اربيل و السليمانية منذ ثمانية عشر عاما وهو رئيسنا.
ولكن مشكلتي هي ان هذا الرجل عشائري الى درجة لا يحسب اي حساب لاي رجل خارج حدود مصيف سري رش. بنقرة واحدة في شبكة الانترنيت استطيع أن أعثر على كل زوجات رؤساء العالم لكنني لا اعرف الى الآن كيف هي حماتي؟
لا اعرف من اطلب ليرافقني لطلب الزواج..
في البداية قلت لنفسي اصطحب عددا من الملالي والشيوخ المسنين والبيشمركة القدامى . وبعد التوكل على الله سنتقدم للخطبة في امسية ما. لكن صديقا لي وهو صحفي قال لي: \"ابحث عن الجحوش والخونة الذين قاموا بعمليات الانفال واصطحبهم معك لان مسعود البرزاني يحب جدا امثال هؤلاء\". أما صديقي الآخر فقال \"اسمع كلامي واقترب من نيجيرفان البرزاني في مؤتمر صحفي واهمس في اذنه انك وراء مهمة خيرية. واذا لم تستطع اسأل دشني (مطربة كوردية على النسق الاوروبي) ان تدبر لك هذا لامر، فهي تلتقي بهم كثيرا (بعائلة البرزاني-المترجم).
المقال الثاني :
الرئيس ليس إلها ولا ابنته
هنا بلدٌ لا يسمح لك ان تسأل كم هو مرتب الرئيس الشهري؟ لا يسمح لك ان تسأل الرئيس لماذا اعطيت كل هذه المناصب الحكومية والعسكرية لابنائك واحفادك واقاربك؟ من اين اتى احفادك بكل هذه الثروة؟ اذا استطاع احد ان يطرح هذه الاسئلة فانه قد اخترق حدود الامن القومي وعرض نفسه لرحمة بنادقهم واقلامهم. وبالنسة لي بما انني ذكرت في احدى مقالاتي بنت الرئيس، فانني بذلك تجاوزت الخط الاحمر للوطن والاخلاق والادب الاعلامي. ان ديمقراطية هذا البلد هي هكذا، ممنوع التعرض الى اليشماغات الحمراء (تلك التي يضع رجال عشيرة البرزاني على رؤوسهم –المترجم-) والاعصبة، ان فعلت ذلك فلدى القوم حلول نعرفها جميعا. لا اعلم هل بنت رئيسنا راهبة لا ينبغي لاحد ان يعشقها، ام انها مقدسة لا بد ان تبقى ايضا رمزا وطنيا؟
تُرى ما هي مخاطر كتابة كوميدية عن الرئيس؟ جميعنا شاهد فيلم شارلي شابلن الدكتاتور العظيم الذي عرض الآما عظيمة عن طريق الكوميديا.
الكثير من الرسائل الالكترونية التي وصلتني كانت تهددني وتطلب مني ان انشر صورتي وعنواني، كأنني لو كنت سائق سيارة لم يقف عند الاشارة الحمراء. لقد بعثت بصورتي الى هؤلاء الاصدقاء، ولا اعلم ماذا يريدون من صورتي؟
لكن هذه المقالة هي جواب على مقالة احدهم تجرأ ان يكتب مقالة للرد علي،منتحلا اسم فتاة. قبل كل شئ ابارك له انه تجرأ على ان يرد علي. ولكن رجائي من هذا الشخص ان لا يعرفني (كـ ـ نوشيرواني ـ نسبة الى زعيم حركة التغيير المعارضة نوشيروان مصطفى- المترجم) بل كشاب من شباب هذا البلد. صحيح انني اعطيت صوتي لقائمة التغيير في الانتخابات، وكنت من انصارها الجديين واجمع لها الاصوات في المجالس والندوات. لكن كل هذا كان بدافع مبدأ هو: (اننا رابحون حتى ولو بدلنا الشيطان بتلاميذه). اما انت –كما الجميع- كنت قد طلبت مني صورتي الشخصية واسمي الحقيقي، كنت اود ان ابعث لك صورتي وكن على يقين ان اسمي ليس مستعارا، ولكنك لم تضع عنوان بريدك الالكتروني في مقالك حتى ابعث لك ما طلبت. منذ الآن فصاعدا انا كأي شاب لا مبالي في ازقة وشوارع مدينة اربيل، عاصي عن كل اصنام وتماثيل السلطة، ننتظر مثل النبي ابراهيم الفرصة لنكسرها كلها. هذا المقال هو جواب على مقالة نشرت في موقع كوردستان نيت لاحدهم ادعى ان اسمه (افين) تحت عنوان: جواب لاحد الشاتمين في موقع كوردستان بوست.
المقال الثالث :
أول اجراس قتلي دقت
في الايام القليلة الماضية قيل لي انه لم يبق لي في الحياة الا القليل، و كما قالوا ان فرصة تنفسي الهواء اصبحت معدومة. لكنني لا ابالي بالموت او التعذيب. سأنتظر حتفي وموعد اللقاء الاخير مع قتلتي. وادعو ان يعطوني موتا تراجيديا يليق بحياتي التراجيدية. اقول هذا حتى تعلموا كم يعاني شباب هذه البلاد وان الموت هو ابسط اختياراتهم. حتى تعلموا ان الذي يخيفنا هو الاستمرار في الحياة وليس الموت. وهمي الاكبر هو اخوتي الصغار وليس نفسي. ما يقلقني في هذه التهديدات هو ان هناك الكثير الذي لابد ان يقال قبل ان نرحل. مأساة هذه السلطة هي انها لا تبالي بموت ابنائه.
أمس اخبرت عميد كليتي انني قبل يوم تعرضت للاهانة والتهديد بالقتل. ولكنه قال لي ان هذه مشكلة تخص البوليس. لا اعلم هل هناك جامعة في العالم يهدد احد تلامذتها بالقتل ثم لا تبالي بذلك وتجلس بكل راحة في صلافتها وانحطاطها؟ كان على عميد كليتي ان يجعل هذه المشكلة تخصه او تخص الجامعة لانني جزء منها. لكنني لم اصدم لانني اعلم منذ وقت طويل ان جامعات هذا البلد ليست بيوت اطمئناننا؟.
بعد هذا اتصلت بالعميد عبدالخالق مدير البوليس في اربيل. قال لي: \"ان رقم التلفون الذي هددك قد يكون من الخارج، او ربما مشكلة شخصية. قد تتكرر التهديدات لكن مدينة اربيل آمنة ولن تحدث مشاكل من هذا النوع\". بابتسامة ساخرة كنت اتخيل عما اذا كان ساركوزي هو الذي هددني، لكنني كيف ائتمن على حياتي واحد اصدقائي تعرض قبل ايام للضرب والاهانة بسبب عدة مقالات نشرها قبل فترة، اجبر على اثرها ترك هذه المدينة؟
فليحدث ما يحدث، لانني لن اترك هذه المدينة وسأجلس في انتظار موتي. انا اعلم ان هذا هو اول اجراس الموت، وسيكون في النهاية جرس الموت لشباب هذا الوطن. ولكنني هذه المرة لن اشتكي ولن ابلغ السلطات المسؤولة. انها خطوة خطوتها بنفسي وانا بنفسي اتحمل وزرها. لذلك فمنذ الآن فصاعداً افكر ان الكلمات التي اكتبها هي آخر كلمات حياتي. لهذا ساحاول ان اكون صادقا في اقوالي بقدر صدق السيد المسيح. وانا سعيد ان لدي دائما ما اقوله وهناك دوما اناس لا يسمعون. ولكن كلما تهامسنا بدأ القلق يساورهم. الى ان نبقى احياء علينا ان نقول الحق. واينما انتهت حياتي فليضع اصدقائي نقطة السطر، وليبدأوا هم بسطر جديد