Gula Kobani نائبة المدير العام
المشاركات : 255 العمر : 38 تاريخ التسجيل : 03/04/2008
| موضوع: قبلَ أنْ يأتيَ الشتاء الخميس يوليو 08, 2010 7:09 pm | |
| قبلَ أنْ يأتيَ الشتاء
قالت فاطمة الجميلة لأمها العجوز: ـ يجبُ أن نجمعَ الحطب يا أمي ، أنا لا أتحمل برد الشتاء. ظلَّت الأم صامتةً , نظرت من نافذة الكوخ إلى الخارج . كان الناس حقا ينطلقون إلى الجبل ليجمعوا الحطبَ للشتاء القارس . قالت فاطمة من جديد : ـ في العام الماضي لم نجمع ما فيه الكفاية , لقد عانينا كثيراً من البرد . قالت الأم وهي لا تزال تنظر عبر النافذة : ـ ومن قال لك يا بنيّتي أنني سوف أعيش حتى الشتاء , ألا ترينَ إلى حالي , إنَّ المرض يشتدُّ عليَّ يوماً بعد يوم . قالت فاطمة : ـ أتمنى لك دوام العافية يا أمي , وأنا ماذا سيحصل لي ؟ قالت العجوز : ـ وأنت يا بنيّتي لا بدَّ أن يتقدَّم أحدُ شباب القرية لخطبتك , ويتزوّجك قبل الشتاء , لذا فلا حاجةَ لنا إلى جمع الحطب . لكنَّ فاطمة قرّرت أن تقوم بخطة جميلة , لأنها قالت في نفسها : ( لا أحد يعلم ماذا سيحدث في المستقبل ) وخرجت من الكوخ القديم وهي تقول لأمها : ـ سأذهب لأحضر الماء من البئر . وتوجَّهت مع رفيقاتها إلى الجبل , وراحت تجمع الحطب مثلهن . خبأت فاطمة ما جمعته من الحطب في مكان قريب خلفَ الكوخ حتى لا تراه أمها فتغضب . وفي أحدِ الأيام ابتعدت فاطمة كثيراً وهي تبحثُ عن الحطب ,حتى اقتربت من البلدة المجاورة , وبينما كانت تبحث عن الحطب مرَّ بالقرب منها شابٌ طويل يقودُ قطيعاَ من الغنم الأبيض . قال الشاب : ـ أيتها الفتاة الجميلة , سوف أدلك على مكان قريب فيه الكثير من الحطب الجيد . قالت فاطمة : ـ أشكرك أيَّها الشاب الطيب لأنك تحبُّ مساعدة الآخرين . وهكذا جمعت فاطمة الكثير من الحطب وخبأته خلف الكوخ . ومرَّت الأيام بسرعة , وجاءَ الشتاء بالمطر والثلج والبرد القارس . وفرح الناس بما جمعوا من الحطب وراحوا يُوقِدون النَّار ويجلسُون حوله , وفرح الأطفال بدفءِ النّار وهم يستمتعون بالحكايات الجميلة قالت فاطمة لامها : ـ أرأيتِ يا أماه , لم يحصل شيء مما قلت . قالت العجوز وهي ترتعش من البرد : ـ بل سيحصل أحد الأمرين , سوف أموت من البرد. قالت فاطمة : ـ بل هناك مفاجأة سارَّة لك يا أماه . خرجت فاطمة لتحضر الحطب المخبأ , لكنها تفاجأت أنَّ كلّ الحطب المخزون قد سُرق , ولم يترك اللصوص سوى عيدان ٍ رفيعة لا تنفع في شيء . دخلت فاطمة إلى الكوخ وهي تبكي . قالت العجوز : ما هي المفاجأة يا فاطمة ؟ قالت فاطمة : لقد سُرق الحطبُ الذي جمعتُه . قالت العجوز في دهشة : حقاَ إنها مفاجأة . حكَت فاطمة لأمها كيف كانت تخرج إلى جمع الحطب سراَ , وراحت تلوم أمها وهي ترتعش من البرد الشديد , ثم رمت بنفسها في حضن أمها وهي تبكي وتقول : لا أحد يعلم ماذا سيحدث في المستقبل . في صباح اليوم التالي طُرق باب الكوخ , فقامت فاطمة وفتحت الباب . صاحَت العجوز وهي تنظر إلى الضَّيف : ـ منْ أنت ؟ قالت فاطمة : ـ إنَّه شابٌ طيب , من البلدة المجاورة , لقد ساعدني كثيراَ في جمع الحطب . كانَ الشاب الطيب قادماَ لكي يخطبَ الفتاةَ الجميلة بعد أنْ ظلّ يبحث عنها طوال الوقت . وبعد أيامٍ كانت فاطمة تمسك بيد زوجها لتغادر القرية إلى البلدة المجاورة . وقبل أن تخرج من الكوخ القديم قالت لأمها : ـ لن أترككِ وحيدةً يا أمي , لا بدَّ أن ترافقيني. قالت العجوز : ـ ومن يدري يا بنيّتي , فقد أموت قبل أنْ أصل إلى البلدة المجاورة . قالت فاطمة وهي تبتسم : ـ لا أحد يعلم ...... قاطعتها العجوز: ـ ماذا سيحدث في المستقبل . ضحكت فاطمة , وضحك الجميع وهم يخرجون معاً ليمضوا إلى البلدة المجاورة , و ينسوا إلى الأبد ما سيحدث في المستقبل .
*** عماد
| |
|