طلاب الدراسات: غياب التكييف يسبب إنتانات ويفسد تخدير المريض والتعقيم وتلك حالة غير إنسانية مدير المشفى: يفترض من الشركة المنفذة للمشروع أن يكون عندها خطة بديلة
تم إيقاف العمليات الجراحية بقسم الجراحة العامة في مشفى حلب الجامعي وذلك اثر شكوى الطلاب المتدربون المتكررة بشأن التكييف المتعطل منذ شهر تقريباً حيث لا يستطيعون العمل بظروف غير صحية من شأنها الإضرار بحالة المريض أو تأزمها على أقل تقدير.
بدورة مدير المشفى أشار إلى "توقف متقطع" ونفى إصدار قرار بوقف العمليات الجراحية في قسم الجراحة العامة، وأوضح بأنه تم "تعطيل لائحة المرضى فقط لحين حل المشكلة الحالية وتحسباً لعدم حدوث ضرر للمرضى"، وحمل مسؤولية عدم وجود حل بديل الى الشركة التي زودت المشفى بنظام التكييف منذ سنتين فقط.
المرضى يصطحبون المراوح معهم
حسن حسن مريض يمسك إضبارته بيدية ويرقد جاثياً على الأرض في قسم الجراحة العامة قال :" لقد أجلوا عمليتي وهي كيس ماء في الصدر الأيسر إلى يوم آخر لا أعرف متى موعده" .
وفي جولة لسيريانيوز داخل المشفى، كان واضحا وجود بعض المراوح المنزلية في غرف المرضى حيث قال أبو محمد (مرافق مريض) :" بأن والده أقام في قسم الجراحة العامة مدة 24 يوماً وأنه طوال هذه المدة كان يصطحب معه مروحة أرضية من المنزل لأن الحرارة الشديدة لا تطاق في الغرفة".
وحسب مصدر بقسم الجراحة فإن "القسم أجل في هذه الحالة إجراء العديد من العمليات الجراحية ، حيث يبلغ متوسط عدد العمليات في اليوم أكثر من 25 عملية جراحية وقد تم - تخريج – العديد من المرضى على الرغم من قدوم بعضهم من الرقة و دير الزور والحسكة وعلى المريض أن ينتظر دوره مرة أخرى في هذه الحالة" .
و أضاف طلاب آخرون بأن "مشكلة التكييف منذ فصل الشتاء حيث كان التكييف الساخن لا يعمل وفي بداية الصيف فوجئنا بأن التكييف لا يعمل أيضاً ولكننا تحملنا ضغط العمل لدرجة لاحظنا فيها تزايد الإنتانات الجراحية بشكل كبير مما اضطر إدارة قسم الجراحة العامة إلى إيقاف العمليات الجراحية".
وعند سؤالنا الدكتور ناهد محلي رئيس قسم الجراحة بالمشفى عن سبب إيقاف العمليات الجراحية بالقسم فضّل التوجه بهذا السؤال إلى مدير مشفى الجامعة على الرغم من تأكيده: "بأننا أخذنا قرار إيقاف العمليات الجراحية وذلك لمصلحة المرضى والطلاب ضمن هذه الظروف التخديرية والجراحية الصعبة ونحن قمنا بشرح الحالة للإدارة".
التكييف لا يتكيف مع أحد
وذكر عدد من طلاب الدراسات العليا بمختلف الإختصاصات (فضلوا عدم الكشف عن اسمائهم) لسيريانيوز: "بأن التكييف المركزي في قسم الجراحة العامة معطل منذ بداية فصل الصيف ونحن لا يمكننا العمل في غرفة العمليات بحرارة تصل إلى خمسين درجة مئوية وأبواب غرف العمليات محكمة الإغلاق ومن غير المسموح أن يدخل الطبيب مروحة أرضية إلى غرفة العمليات بالإضافة إلى ارتدائهم ثياب نايلون وهذا ما يجعل العرق يتصبب من جباههم على جرح المريض مما يسبب إنتانات للجرح ويفسد تخدير المريض ففي هذه الحالة ينعدم التعقيم ، بالإضافة إلى أن هذه الحرارة المرتفعة تساعد على نمو الجراثيم في بيئة خصبة لها مما يؤدي إلى تقيّح الجرح و حدوث مضاعفات جانبية بعد العمل الجراحي للمرضى" وتلك حالة غير إنسانية للجراح والمخدر والمريض على حد سواء بحسب وصف الطلاب .
العصبية تفقد الأعصاب
وأوضح عمر السيد أحمد (طالب دراسات عليا اختصاص عصبية) :"هناك عمليات جراحية عصبية تأخذ أربع أو ست ساعات فكيف لنا العمل بهذه الظروف القاسية ونحن نتصبب عرقاً طوال هذه المدة، ونعمل منذ أسبوعين بعمليات صغيرة ونجبر أنفسنا على تحمل هذه الظروف ولكن منذ أسبوع – إنكسرت معاوضة الجميع – وهو مصطلح متعارف بيننا بأنه لم يستطع أحد تعويض أو تحمل هذه الظروف عندها توقفت العمليات الجراحية في القسم" .
لمصلحة من ..!
بعض الطلاب الذين رفضوا ذكر أسماءهم أفصحوا لنا عما وصفوه "حقائق خفية فهناك من يريد من مشفى الجامعة أن لا يعمل بالشكل المطلوب" والسبب برأيهم "استفادة المشافي الخاصة ، فلو عمل مشفى الجامعة بشكل حقيقي فإن نصف المشافي الخاصة ستتوقف عن العمل" .
ولفت نظرنا العديد من الطلاب بسؤالهم إذا تعطل التكييف في قسم الجراحة العامة في الطابق الخامس فلماذا يعمل التكييف في الطابق الرابع و هو جناح خاص لمن يملك واسطة حسب وصف الطلاب ، و من الغريب أن الطابق الرابع يعمل به التكييف وبينه و بين غرفة عمليات جراحة عامة نصف متر فلماذا يا ترى ..؟
وتساءل العديد من الطلاب "أين الشركة المسؤولة عن صيانة التكييف المركزي لا سيما بان التتكيف قد إنجز بجناح الجراحة العامة منذ عامين ولم يتسن له أن يتعطل بهذه السرعة لاسيما أن التكييف بمشفى خدمي هام للمواطنين و عقد الشركة المسؤولة عن التكييف بملايين الليرات..؟".
لا يوجد مهندسون مختصون
وعن وجود صيانة دائمة للمكيفات قالت رئيسة المكتب الهندسي بمشفى الجامعة المهندسة سوسن باشا:" لا يوجد عندنا في الكتب الهندسي أخصائيون في هندسة المكانيك والكهرباء، وبعد أن أصبحت لدينا مشكلة في أجهزة التكييف اتصلنا بشركة" الخضري " وهي الشركة التي ركبت المكيفات في المشفى منذ عامين ، وطلبنا من رئيس الجامعة أن يشكل لجنة من مهندسين لاستلام تجهيزات الشركة المنجزة للمكيفات وتم ذلك حيث صرحت اللجنة المشكلة من دكاترة مهندسين بأنه لا توجد مشكلة و كل شيء تمام وكتبوا في تقريرهم بأنهم قد جربوا عمل المكيفات بالوضع الصيفي وقالوا بأنه لا توجد مشكلة وتم التسليم على أساسه".
وتابعت : "وبعد مدة 15 يوماً جربنا المكيفات فإذا بنظام المكيفات قد توقف، عندها اتصلنا بشركة الخضري على الرغم من نهاية عقد الصيانة، وقد أرسلوا إلينا مهندساً وبعد الكشف على المكيفات تبين بأن هناك محرك المضخة بحاجة إلى لف وكان ذلك ، وبعد تشغليها وقعنا بنفس المشكلة فالمكيفات تعمل أحياناً و تتوقف أحياناً أخرى وبالتالي لم تعمل بشكل كامل" .
و أضافت "ثم أرسلنا كتاباً خطياً إلى شركة الخضري لموافاتنا بمشاكل المكيفات لأن الأجوبة الشفهية لم تجد نفعاً باعتبار أنهم منفذو هذا المشروع ، ثم قالوا بأن هناك مشكلة في الفلاتر وذلك بكتاب خطي ، وليس باستطاعة المهندسين إجراء الصيانة تلك أثناء أيام الدوام لأنه توجد عمليات جراحية لذا يجب أن ينتظروا يوم عطلة وانتظرنا أن يأتوا يوم عطلة ليكملوا الصيانة وكان ذلك في يوم الجمعة و السبت قبل الماضي ، عندها غيروا الفلاتر وشغلوها وقالوا لنا بأنه اشتغل النظام وكذلك الأمر تشتغل المكيفات ثم تتوقف لأن المكيفات لم تعط الهواء المطلوب ومن مشكلة إلى مشكلة أخرى".
وأضافت رئيسة المكتب الهندسي "ثم قالوا لنا بأن محرك المضخة الذي لفوه من قبل وقد احترق حالياً ، ويجب علينا تبديله وكتبوا لنا كتاباً بهذا الخصوص وقلنا لهم بدلوه، وقد بدلوه من يومين وكذلك الأمر فقد ظهرت مشكلة بنظام المعايرة، ونقوم بالإتصال بالشركة كل يوم خمس مرات وإن مهندسي الشركة يأتون ويفحصون المكيفات وتظهر مشاكل عديدة و تشتغل المكيفات ثم تتعطل" .
وعن الحلول المنتظرة قالت المهندسة "وعدتنا الشركة أنه ليوم السبت القادم كل شيء سيكون على ما يرام ، وسنعطي الشركة فرصة لآخر الأسبوع ، وإلا سنستعين بخبرة فنية للكشف على المكيفات فهل هناك مشكلة في نظام الشركة المنفذة وهل كانت المشكلة عندهم بالأصل حتى نقوم بالإجراءات اللازمة كتغريم الشركة المنفذة لأنه من المفترض أن يكون هناك نظام تبريد ضخم موضوع من الشركة المنفذة ...
والمهندس "حردان"
وقصة المهندس الذي اشتغل بنظام التكييف منذ البداية كانت معروفة من قبل أغلب الطلاب والذين كشفوا بأن" ذلك المهندس اختلف مع الشركة المنفذة والتي طلبت منه الآن الكشف على المكيفات و لكنه رفض ذلك لأنه – حردان- و أخذ موقفاً من الشركة بعدم تعاونه بعد خلافه معها " ووصف الطلاب موقف المهندس بالتبرير المضحك أمام حال المرضى الصحية فهي الأولى ، وخلاف ذلك المهندس مع الشركة أكده لنا مدير مشفى الجامعة و رئيسة المكتب الهندسي .
الشركة المنفذة تنصح بالصيانة الدائمة
وعن دور الشركة المنفذة للمكيفات قال المهندس عماد قنوع الذي يشرف على الصيانة الحالية للمكيفات موضحاً :"شبكة التدفئة والتكييف يجب صيانتها صيانة كاملة، ونحن كشركة منفذة غير ملزمين بالصيانة حالياً ولكن نعمل من أجل المرضى و إدارة المشفى ولم نطالب الإدارة بأية مبالغ في الوقت الحالي ونؤجل هذا الموضوع حالياً".
وتابع :" الأولوية الآن هي إنقاذ التكييف من أجل مساعدة الناس الذين يجرون العمليات الجراحية ، فشبكة التكييف كبيرة والممتدة من القبو حتى الطابق الخامس والمتضمنة - شيلارات و مبردات وفلاتر ومحركات و سكورة - وهذا الموضوع لا ينجز بيوم أو يومين " .
و أضاف :" بأن أي شكبة مركزية كبيرة في العالم تتطلب عملية صيانة دائمة ، ومن المعروف في الدولة لا يوجد لديهم عقود صيانة دائمة ، فيجب في المشفى أن يكون لديهم عقد صيانة دائم ، ومدير المشفى تعاون معنا في هذا الخصوص وطرح موضوع الصيانة الدائمة على مجلس إدارة المشفى ، وبرأيي بأن الشركة لم تقصر بعملها ولا الإدارة أيضا".
الإدارة : يفترض وجود خطة بديلة
بدوره أجاب مدير مشفى الجامعة الدكتور محمود تسابحجي : "الشركة المسؤولة كشفت مؤخراً على المكيفات وقالوا بأن المشكلة بالفلاتر ويجب تغييرها وهي مكلفة و مع ذلك قلنا لهم غيروها وبعد تغيير الفلاتر و تشغيل النظام ضربت المحركات ، فالشركة هي التي وضعت النظام وهي الأقدر على إيجاد الحلول وهي أخذت وقتها في إجراءات شراء مواد الصيانة وكان لابد من إيقاف العمل بالعمليات بشكل متقطع ولكننا لم نوقف العمل ولم نصدر قراراً بوقف العمليات الجراحية في قسم الجراحة العامة ، وكل ما نقوم به تعطيل لائحة المرضى فقط لحين حل المشكلة الحالية وتحسباً لعدم حدوث ضرر للمرضى".
وتابع : "نحن ليس لدينا في المكتب الهندسي بالمشفى مهندسون مختصون في هذا المجال ، ولدينا ثمانية مهندسين يخدمون بناءً ضخماً من ثمانية طوابق وثلاثة أجنحة فيوجد في مشفى الجامعة أكثر من 500 مريض و600 طالب دراسات و 400 ممرضة فالمشفى يشبه البلد" .
وعن الشروط الصحية لقيام الطلاب بإجراء العمليات الجراحية في ظل عدم وجود التكييف يجيب مدير المشفى :" نريد الحديث بالمنطق فنحن منذ زمن لا نعمل على التكييف المركزي فكيف كنا نعمل قبل التكييف ، أنا كنت طالباً مقيماً بهذا المشفى و كنا نجري عمليات جراحية على الرغم من عدم وجود مراوح في غرفة العمليات ، إذاً الخلل ليس هنا ، لأن مشروع التكيف جاء جيداً وفشل التبريد فمن المفترض أن يكون عند الشركة خطة بديلة لهذا التصميم فمثلاً إذا صممت غرفة ولها باب وقد أغلق هذا الباب هل أختنق داخل الغرفة في حال حدوث حريق فيجب أن يكون هناك باب مخرج للطوارئ".