درة المدائح

...درة المدائح...

قريظيَ فجر منبعا ليس ينضب
ومُرْ غيمة من غيمك السود تسكب

فينتج طوفان من الشعر مغرق
لقوم ويُنجي خيرة القوم مركب

تمر بيَ الأيام تترى كأنها
خيولٌ تجيءُ في السباق وتذهب

أرى الناس فيها كالنبات طباعهم
لذيذ ومُرٌّ ذو شفاء ومُعطِب

قريظيَ عرج بي على خير حاضر
من الناس أُندي الذكر فيه وأطنب

أُطَيِّبه بالشعر والشعرُ قاصر
عن القول فيه واللسان مُقَضَّب

هو البدر لا نقص ولا كَلَفٌ به
هو البحر لا جزر بل المد يغلب

تَقَيَّل حمدا في الفعال كإسمه
وفي القول ذو فَصْح يقول فيعرب

له المجد من آبائه الشم والعلا
وأسس مجدا وهو في ذاك مسهب

أيا شيخ ما مدحي لكم وتملقي؟
سموتَ فلا مدح لعلياك يُجلَب

ولو جُمعَت كل القصائد والثنا
لوصفك لم تبلغ، ولكن تُقَرِّب

فما المدح مني غير مخيط إبرة
تُغمَّس في بحر به الناس تركب

وما ذاك إفراط ولكن حقيقة
وما أنا ممن في المدائح يكذب

إذا مدح الناس الملوك لبلغة
فمدحي لكم في الله لا غير أطلب

أبحرَ المكارم والعلوم بعصرنا
لقد فقت من جاءوا قديما وغُيِّبوا

وإن مياه البحر ملح يشوبها
وبحرك يا شيخي من النهر أعذب

حديث وفقه ثم نحو بلاغة
وتفسير قرآن وشيخ مؤدب

علوم الشيوخ الصيد تطفو بعلمكم
كأنك بحر والمشائخ مركب

سطعت -بفضل الله- نور هداية
على الكون فانزاح الظلام المُرَيِّب

علوت جميع الساطعات كأنها
بدورٌ وأنت الشمس تعطي وتوهب

"فإنك شمس والشيوخ كواكب
إذا طلعت لم يبد منهن كوكب"

أيا شيخ إن المسلمين تخاوروا
عن الدين والكفار أُسْد تَوَثَّب

لقد شوهوا الإسلام دهرا وسفهوا
وداسوا بلاد المسلمين وخربوا

وسارت ولاة الأمر حسب هواهمُ
ومن قام بالإسلام سلُّوا وغَيَّبوا

أيا شيخ جرد سيف عز وغضبة
يجيء على الكفار يعلو فيضرب

وأطلق أسودا ذات ناب وأظفر
فتنهش أهل الشرك نهشا وتُعطِب

فأنت سعيد اليوم لا ريب فاصطفِ(ي)
لأمرك عزانا علينا يُنَصَّب

وخذنا سيوفا تقطع الهام والطلى
وخذنا دروعا تفتديك وتحجب

فأمر إله الكون يا شيخ فيكمُ
فليس سواك اليوم للأمر يُندَب

" ومن يكن المنصور من عند ربه
وقاومه المخلوق فالخلق يغلب "

أشر سترانا جحفلا يطلب الردى
وفي جنة الفردوس يسعى ويرغب

فإن نحن بُرنا فالجنان بإذنه
وإن نحن قمنا قام للحق منصب

أيا شيخ قم للإستقامة قائدا
كأجدادك الغر الذين تغيبوا

أولئك غاب الجسم منهم وذكرهم
تَخَلَّد في الدنيا له الناس ترقب

أولئك سادات أولئك قادة
أولئك أنوار إذا الليل غيهب

ففي الصبح صُوَّام فوارس عزمة
وفي الليل رهبان به تتنحب

أولئك يبكي القلب شوق لقائهم
ويبقى لذكراهم حفيظا ويندب

فقم أنت يا شيخي مقام أولئكم
وجدّد لذكراهم فمثلك يعقِب

فتشرق شمس الله بالحق والهدى
وشمس فلول الشرك والكفر تغرب



تمت بحمد الله