dost نجم المنتدى.
المشاركات : 3771 العمر : 45 المزاج : عصبي تاريخ التسجيل : 17/06/2009
| موضوع: الآثار كبديل للنفط... كيف نستفيد من إيراداتها؟ الإثنين يوليو 19, 2010 7:59 pm | |
|
تعد مدينة "حلب" من المدن العربية والإسلامية الغنية بالآثار والأبنية التاريخية /المدنية والدينية والعسكرية/ والتي تعود إلى مختلف العصور التاريخية وتشكل أحد أبرز عوامل جذب السياح واستقطاب الزوار للمدينة ومساهماً فاعلاً في خلق حراك سياحي فيها...
حيث إن هناك علاقة وثيقة بين الآثار والسياحة لأن للآثار تأثيرا واضحا في السياحة وجذب السياح، وهناك ارتباط وثيق بين الحفاظ على الأوابد الأثرية وصيانتها وإظهارها بالمظهر اللائق، وبين تنشيط السياحة ولاسيما في مدينة "حلب" التي تشكل فيها الأوابد عماد السياحة والعلامة البارزة والواضحة التي تشهد على أصالة هذه المدينة.
مواقع أثرية ومكتشفات عالمية فريدة من نوعها وعدد الزوار مازال خجولاً لقصور في البرامج التعريفية، والإعلانات السياحية والاستثمار في السياحة قاصراً. فكيف نستفيد من الآثار كمصدر للدخل؟
* الآثار وأهميتها في دعم القطاع السياحي وخلق حراك سياحي في مدينة "حلب".
الأستاذ "يوسف زوعة" مدير "متحف الطب والعلوم" المُقام في "البيمارستان الأرغوني" الذي يشكل أحد المراكز الأثرية المهمة في جذب السياح للمدينة تحدث لموقع eAleppo عن دور الآثار في تنشيط الحركة السياحية بالقول: «تلعب الآثار دوراً هاماً في دعم القطاع السياحي في مدينة "حلب" التي تعتبر من أقدم المدن المأهولة في العالم حيث تعاقبت عليها العديد من الحضارات ولا زالت أوابدها تحتفظ بين جدرانها وصخورها بعبق الماضي وحكايات الأبطال, كما وتتميّز عمارتها بالإبداع الهندسي المترافق مع الفن الراقي والتحكم بالحجر من خلال زخارف هندسية ونباتية رائعة, ولا ننسى المتاحف المتعددة حيث يؤدي كل منها رسالته فتجمع المتعة والرفاهية مع العلم والمعرفة ليخرج الزائر من كل متحف بشغف ومعرفة وتوق للحديث عنها إلى معارفه والعودة إليها مجدداً وربما يتعداها البعض للشوق إلى التوجه إلى المواقع التي أتت منه هذه القطع، وقد قامت مديرية آثار ومتاحف "حلب" بتأهيل عدة مباني أثرية كمتاحف تخصصية سيكون لها دور فاعل في دعم الحركة السياحية مستقبلياً إن شاء الله».
وأضاف "زوعة" متحدثاً حول بعض المشاكل التي يعاني منها قطاع الآثار في مدينة "حلب" قائلاً: «هناك بعض المشاكل التي يعاني منها القطاع الأثري وأهمها: مشكلة التبعية والتنظيم، فالمباني الأثرية تابعة لعدة وزارات هي وزارة الثقافة المسؤولة عن حفظ ورعاية الآثار وعن التنقيبات الأثرية وعن تخديم المواقع الأثرية ووزارة السياحة المسؤولة عن الترويج السياحي ووزارة المالية المسؤولة عن جباية واردات الآثار وعن صرف المستحقات اللازمة لتفعيل هذه الآثار وصيانتها وتخديمها ووزارة الأوقاف المالكة لعدد كبير من المباني الأثرية وخصوصاً في محافظة "حلب" ووزارة الإدارة المحلية التي يقع على عاتقها تخديم المباني الأثرية البعيدة بمد الطرق إليها.
إنّ هذه التبعية لكل هذه الجهات وضعف التواصل فيما بينها يعيق في تقدم الدور الفاعل للآثار في دعم الحركة السياحية ويشتت المسؤولية التي يجب أن توكل لجهة معينة لإجراء دراسات مستمرة لجعل قطاع الآثار يواكب مسيرة الحركة السياحية العالمية، إضافة إلى أنّ جميع مديريات ودوائر الآثار في القطر تتبع للمديرية العامة للآثار والمتاحف في "دمشق" إدارياً ومالياً وتنظيمياً وهذه المركزية بدورها تنعكس سلباً على حركة التطور المفروضة في قطاع الآثار كما أنها تشكل ضغطاً كبيراً على الموظفين في المديرية العامة في "دمشق" وهذا الضغط بدوره يؤدي بشكل طبيعي إلى إبطاء تنفيذ مشاريع التطوير الأثري.
المشكلة الثانية التي يعاني منها قطاع الآثار هي قلة الخدمات فمعظم المباني الأثرية غير مخدّمة كما يجب وخاصّةً المباني الأثرية المتوزعة في الأطراف البعيدة من الأرياف وبالرغم من توجه مديرية آثار ومتاحف "حلب" إلى تخديمها إلا إنها لم تصل إلى المستوى المطلوب بعد.
وهناك أيضاً مشكلة ضعف الترويج السياحي سواءً على الإنترنت حيث لا توجد مواقع إلكترونية خاصة بكل متحف أو بكل مديرية على الأقل ولا يوجد سوى موقع المديرية العامة للآثار والمتاحف، وبالنسبة للترويج على قنوات التلفاز -بالرغم من البدء الجاد من قبل التلفاز السوري في هذا المجال- إلا إنه لم يرق للمستوى المطلوب بعد، كما أنّ المكاتب السياحية الخاصة تتحمل بعض المسؤولية حيث يجب أن تكون مكلّفة أثناء وضع خطط الزيارة للمجموعات السياحية أن لا تهمل أي من المواقع الأثرية كما يترتب عليها جزء كبير من مسؤولية الترويج السياحي الأثري باعتبارها المستقطب الأكبر للزوار الأجانب والعرب».
وعن دور "البيمارستان الأرغوني" في دعم السياحة في "حلب" قال "زوعة": «يعتبر "البيمارستان الأرغوني" هدفاً لفئات مختلفة من الزوار والسياح وهي: السياحة العلمية، فالبيمارستانات العربية ومنها "البيمارستان الأرغوني" تعتبر من الشواهد الهامة على التقدم الطبي في الحضارة العربية الإسلامية والتي مازال المجتمع الأوروبي يستقي من خبراتها وخصوصاً فيما يتعلق بمعالجة المرضى النفسيين، وهناك السياحة الدينية، فالبيمارستان الأرغوني هو أحد المباني الوقفية التي تعتبر شاهدة على عظمة الحضارة الإسلامية كما أنه يقع ضمن مجموعة من المباني الدينية في "حلب" ويزور البيمارستان المئات من الزوار الأتراك لأنّ المبنى تحول إلى مشفى للأمراض العقلية في العهد العثماني، وأخيراً السياحة الترفيهية، فساحة البيمارستان الرحبة وأجنحته المزوّدة ببحرات الماء ونظام بنائه المزود بكل وسائل الراحة النفسية يعتبر من أكثر ما يشد زائريه وكثيراً منهم يصابون بالدهشة لمجرد دخولهم إلى ساحته الغناء فيه».
وختم السيد مدير متحف الطب والعلوم في "حلب" قائلاً: «لقد تم تأهيل "البيمارستان الأرغوني" ليكون متحفاً لتاريخ الطب والعلوم في الحضارة العربية الإسلامية ويتم حالياً تنفيذ القسم الثاني من المشروع بتمويل من برنامج التعاون السوري- التركي وبكلفة عشرين مليون ليرة سورية، ويهدف المتحف إلى إظهار الدور البارز للعرب في تأسيس الجذور الأولى للطب والعلوم وتطورها وسرد التسلسل التاريخي لتتطور الطب وتأثر العرب بالحضارات الأخرى وتأثيرهم فيها وتسليط الضوء على العلماء العرب وذكر إنجازاتهم ولمحة عن حياتهم والتنويه إلى الدور البارز للإسلام في تطور الطب والعلوم ومحاولة إيجاد مرجع تخصصي يجمع نماذج مهمة ونادرة عن الطب والعلوم يقصده كل مهتم أو دارس، نأمل أن يكون هذا المتحف خطوة نحو الأمام في مجال دعم القطاع السياحي علماً بأنّ دراسة مشروع المتحف تضمنت إحداث موقع الكتروني عن المتحف كما تم تنفيذ العديد من التقنيات الحديثة لأول مرة في "سورية"».
أما المهندس "عبد الله حجار" مستشار "جمعية العاديات" في الفترات الكلاسيكية والذي قاد العديد من الجولات السياحية للجمعية في مدينة "حلب" وريفها فيقول عن الآثار في المناطق الريفية في "حلب" وأهميتها في خلق الحراك السياحي: «إنّ آثارنا الموجودة في "جبل سمعان" و"جبال الكتلة الكلسية" في شمال غرب "حلب" تعتبر من أجمل وأغنى الآثار في المنطقة حيث يزورها أسبوعياً الآلاف من السياح ومن مختلف بقاع الارض وتشكل مصدر استثمار سياحي وثقافي هام من خلال مساهمتها الفاعلة في تنشيط السياحة ودعم الصناعة السياحية ولكنها تحتاج إلى المزيد من الاهتمام واللمسات الضرورية للترميم والدعاية والترويج السياحي.
يأتي السياح والباحثون من جميع أنحاء العالم للاطلاع على التراث الحضاري الإنساني الذي كان لبلادنا مساهمتها الكبيرة فيه منذ أقدم العصور التاريخية، نعم لقد كانت بلادنا مصدر إشعاع وبوتقة تفاعل حضاري جعلت "أندره بارو" مكتشف مدينة "ماري" يقول: إنّ كل من يعتز بالتراث الحضاري والإنساني مهما كان جنسه أو وطنه عليه أن يعتبر "سورية" وطناً ثانياً له، إنّ الاستمرارية طيلة عشرة آلاف عام من الحضارة تشكل إرثا ثقافياً كبيراً يجذب الدارسين والمنقبين عن الآثار /السياحة العلمية والثقافية/ والباحثين عن المتعة والمعرفة /السياحة الترفيهية/ وكذلك ينشط السياحة الدينية /الحج وزيارة الأماكن الدينية المقدسة/ في كنيسة "سمعان العمودي" وقبر "مار مارون" أبو الطائفة المارونية».
وحول مقترحاته لتطوير المواقع الأثرية- السياحية في "جبل سمعان" و"جبال الكتلة الكلسية" يقول: «على الرغم من انتشار الطرق الإسفلتية في تلك المناطق إلا أنها ما زالت تفتقر إلى الاشارات واللوحات التي تبين أسماء القرى التي يمر بها السائح والتي يجب أن تُكتب باللغتين العربية والأجنبية مع وضع خريطة جديدة تنزل عليها طرق القرى الأثرية ومعظمها جديدة لم تضمها خريطة من قبل.
لقد كانت المواقع الأثرية في "جبال الكتلة الكلسية" و"جبل سمعان" محمية بشكل طبيعي بسبب انعزالها عن مراكز المدن الهامة وصعوبة الوصول إليها واستيطان بعضها من قبل الرعاة ولم يكن يقصدها سوى الرحالة والباحثين وهواة الكشف عن الآثار أما الآن وبعد امتداد شبكة الطرق الحديثة إليها أصبحت هذه القرى الأثرية مهددة بالخراب من قبل الأيدي اللا واعية والإهمال إضافة إلى البيوت السكنية الحديثة التي بدأت تغزوها، ولذلك يجب وضع خطة لحماية تلك القرى الأثرية وإبعاد التخريب عنها عن طريق عمل مخططات مساحية للقرى الأثرية المهجورة بالكامل كما يجب وضع مخططات تنظيمية للقرى الأثرية والمسكونة في الوقت نفسه مع تحديد مركز سياحي وساحة لوقوف السيارات السياحية وإعداد النشرات الثقافية والسياحية والعلمية عنها لوضعها أمام الوفود السياحية وما أكثرها».
وأخيراً التقينا الدكتورة "لمياء الجاسر" الباحثة في الشؤون الأثرية والتي عملت لعشرات السنين وما زالت في أحياء "حلب القديمة" تكتب وتوثق تاريخ مدينة "حلب" وسألناها عن أهمية الآثار في تنشيط السياحة في "حلب" فقالت: «مدينة "حلب" مدينة غنية بالآثار العائدة إلى مختلف العصور، هذه الآثار تشكل في الحقيقة عاملاً مهماً من عوامل الجذب السياحي حيث تشهد المدينة حركة سياحية كبيرة ومن مختلف الجنسيات الذين يأتون للتعرّف على بلادنا وما تتضمن من كنوز.
ومن عوامل تنشط الحركة السياحية إضافة إلى غنى "حلب" بالآثار كما قلت هو مسألة فرق العملة حيث يجد السائح أنّ هناك فروقات كبيرة في الأسعار بين "سورية" والمناطق الأخرى من العالم مما يشجعه على المجيء والاستمتاع».
وحول أنواع السياحة في "حلب" أضافت الدكتورة "لمياء": «هناك أنواع كثيرة منها وفي مقدمتها السياحة الدينية، ففي "حلب" يوجد عدد من المواقع الأثرية الدينية التي يأتيها السياح بقصد زيارتها أو لأداء فريضة الحج مثل قبر "مار مارون" وكنيسة القديس "سمعان العمودي" في "جبل سمعان" ومقام سيدنا "زكريا" و"مشهد الحسين" و"الجامع الأموي"، والسياحة العلمية أو الثقافية حيث يأتي الدارسون والمنقبون والباحثون إلى "حلب" للكتابة عن تاريخها والتعرّف على هذا الإرث التاريخي والحضاري الكبير والعريق أو لتقديم رسائل الدراسات العليا عنها، وأخيراً هناك السياحة الترفيهية الشائعة».
وحول مقترحاتها بخصوص تطوير الحركة السياحية وتنشيطها في "حلب" قالت وبه ختمت حديثها لموقعنا: «يجب الاهتمام بواجهات الأبنية الدينية والتاريخية- الأثرية ودورات المياه التابعة لها والقيام بأعمال الترميم لها تحت إشراف الدولة وكذلك استشارة المتخصصين عند كتابة لافتات الواجهات كي لا يحدث هناك أي خطأ عند العمل على كتابة تواريخ تلك المباني.
وبالنسبة للأدلاء السياحيين يجب إقامة دورات تثقيفية وتأهيلية لهم وفي النهاية اختيار الأفضل من بينهم كي يكونوا قادرين على العمل بشكل علمي ومنهجي وأثناء عملهم يجب عليهم أن يظهروا جمال المدينة والمواقع المهمة للسياح وعدم إهمالها».
| |
|