يؤدِّي الخوف إلى القلق والاكتئاب والوقوع في الاعتلالات البدنية التي تُميز الإنسان المتخلف المهزوم من أعماقه وبالتالي تُميز الأُمّة المتخلفة المهزومة من أعماقها. يُفرز الجسم عبر الغدتين الكظريتين هرمون الكورتيزون (أو هرمون الكرب Stress) في أوقات الخوف وذلك لتوفير الطاقة الإضافية المطلوبة أثناء هذه العملية سواء للقتال أو للفرار (Fight or Flight). كما ويؤدِّي الخوف إلى تفاعلات كثيرة ومعقدة منها الحسّاسية المفرطة، ويؤدِّي كذلك إلى تلف بعض مراكز الدماغ (Hippocampus) مع أنّ هذا الإدِّعاء لم يثبت بشكل قاطع حتى الآن.
الخوف سمة من سمات العالم الثالث. أنا خائف، أنا خائفة، هم خائفون، كلمات واصطلاحات أصبحت لازمة من لوازم هذا العالم. الخوف من كل شيء، الخوف مجهول، من العدو المعلن، من الجوع، من الإرهاب، من السلطات، من نبضات القلب. حتى أنّ إنسان العالم الثالث أصبح يخاف من ظله فهو لا يستطيع حتى التحدّث إلى نفسه وبخاصة في النهار... ففي النهار قد تتمكّن أشعة الشمس مثلاً من نقل كلماته إلى الأقمار الصناعية أو إلى ميكروفونات المخابرات المبثوثة أو إلى عفريت من عفاريت الجن أو الإنس أو حتى إلى الخوف ذاته. هذه الأُمّة الخائفة لن تنتج إلّا الوهم والتقهقر، فالعالم لا يحسب للخائف حساباً، وللخوف رائحة مميّزة يشمها الضبع عندما يحاول مهاجمة الإنسان...
الخوف يدمر القدرة العقلية، يحول الإنسان إلى شبه إنسان فالخائف لا يتلذذ بطعام ولا يهنأ بشراب ولا يتمتع بالجنس، ولا يعبد الله حقّ العبادة، إنّه مشتت مرعوب مبعثر... خائف.
عندما نصدق ويزول الخوف، نكسب المعركة ونعود لأوضاعنا الطبيعية في الحياة والإنتاج والتحضر، أما ونحن في هذا الضيع الأسود فالخوف سيؤدي بنا إلى الوهن، والوهن سيؤدي إلى الموت بأشكاله وألوانه.