دخل الانترنت السريع بحزمته العريضة إلى سورية منذ قرابة الـ5 سنوات، لكن لغاية اليوم لم تستطع هذه الخدمة تغطية حاجات المواطنين إليها في وسط تنامي الطلب على الانترنت الذي بات ركنا اساسيا من حياة الكثيرين، الامر الذي سبب ضغطاً كثيفاً على المقاسم والشركات الخاصة التي لا تملك سوى عدد محدد من تلك البوابات.
كثرة الطلب وقلة الخدمة المتوفرة، إضافة إلى دخول الشركات الخاصة في عملية البيع والشراء، فتح المجال "للسمسرة وطلب العمولة" من قبل البعض موظفين وغير موظفين وشكل بحسب الكثيرين مما التقناهم ما يشبه "السوق السوداء" لخطوط الانترنت.
هذا ما رده المدير التجاري في المؤسسة نور الدين صباغ إلى "الضعف بوعي المواطن 
الذي يمتنع عن التقدم تقدمهم بالشكوى" ، فيما نفاه أحد مدراء الشركات الخاصة جملة وتفصيلا قائلاً إنه " في حال وجود أي تجاوز للسعر من قبل نقاط البيع الخاصة بالشركة تفرض على الموظف عقوبات وغرامات معينة"
90% شركات خاصة والباقي لمعارف المدير
، حيث قال أحد موظفي المقاسم التي تعاني من ضغط الطلب والتي لا تحوي منذ قرابة الشهرين على أية بوابة انترنت(مفضلاً عدم الكشف عن اسمه واسم المقسم الذي يعمل به) ، إن" الطلب على خدمة adsl في مقسمنا متزايد جداً، وعلى الرغم من ذلك فإنه ومنذ اليوم الأول لتركيب البوابات تم حجز 90% منها للشركات الخاصة وما تبقى لمعارف مدير المقسم، حتى بقيت نسبة ضئيلة جداً لا تذكر للمواطنين".
موظف بالهاتف ويحتاج لواسطة
وأضاف الموظف " عندما فكرت بتركيب adsl لمنزلي لم أجد بوابات في المقسم على الرغم من كوني أحد الموظفين فيه وأعلم بوجودها وتوافرها، وعندها استطاع جاري الذي اشتركت معه بالبوابة التي امنها من خلال احد معارفه الواصلين".
في حالة ثانية تمت متابعتها فقد اشتكى ياسر من التقدم لشراء خط adsl من الاتصالات ، وقال" تقدمت بطلب الحصول على بوابة في مقسم المهاجرين وطلبوا مني 4500 وطلبوا مني الانتظار حوالي 15 يوم إلا أنهم حتى اليوم لم يعيدوا لي نقودي على الرغم من اكتشافي عدم وجود بوابات في مقسم ركن الدين الذي يتبع له خط هاتف المنزل".
ايضا في القطاع الخاص ..
واما عن الحصول على خطوط الانترنت من شركات القطاع الخاص فلم تكن احسن حالا بحسب من التقيناهم بل ان البعض وصف وصفها البعض بالأسوأ.
وقال حمزة (موظف في القطاع الخاص) إن "عملي يحتاج إلى خط انترنت سريع جداً وهذا ما دفعني للتسجيل على خط في مقسم ركن الدين، إلا أن بعض الموظفين(أصدقائي) نصحوني باللجوء إلى الشركات الخاصة لأن الحصول على الخدمة يحتاج إلى وساطة ورشاوي، وعلى هذا لجأت إلى شركة خاصة عبر أحد موظفيها الميدانيين او ما يسمى (شقيعة)".
مبلغ خيالي ومفاوضات على الخدمة
وتابع " طلب مني الموظف مبلغ خيالي مقارنة باسعار المؤسسة وهو 9 ألاف ليرة سورية، وبعد المفاوضة اتفقنا على مبلغ 7آلاف ليرة على أن يتم تركيب الخط بعد حوالي 15 يوماً مع الراوتر(جهاز استقبال الخط السريع)، إلا أن الـ15 يوماً غدت شهراً ولم أحصل على طلبي وحينها لجأت إلى الموظف الذي بدأ بالاعتذار وأعطاني موعداً لاستلام المبلغ الذي دفعته لأن مقسم ركن الدين يفتقد للبوابات حالياً، ومن بعدها أخذ الموظف بالتهرب وإغلاق هاتفه النقال في وجهي غير مبال".
عامر تعرض لذات القصة ومن نفس الشركة ذات الشركة الخاصة وقال" تقدمت إلى شركة في القطاع الخاص للحصول على خط adsl بعد ما سمعته عن استحالة الحصول على خط من المؤسسة ، إلا أنني تعرضت لمحاولة نصب من قبل موظف الشركة الخاصة الذي طلب مني 5ألاف ليرة سورية مقابل بوابة في مقسم ركن الدين، وأعلمني أنه بعد 15 يوماً ستكون البوابة ملكي ".
وأردف عامر" بعد انقضاء المهلة أخذ الموظف يتهرب مني و يعطيني مواعيد أخرى دون جدوى، حتى تقدمت بالشكوى لأحد مدراء الشركة الذي طلب من الموظف إعطائي النقود المدفوعة لعدم وجود بوابات في مقسم ركن الدين".
دراسة غير دقيقة
حول الشكاوي المقدمة ضد الشركات الخاصة، مدير الإدارة التجارية في المؤسسة السورية العامة للاتصالات والمسؤول عن الشركات الخاصة، نور الدين صباغ، وقال إن " حصة 
المواطنين من البوابات التي تؤمنها المؤسسة في المقاسم هي الحصة الأكبر حيث باتت تبلغ 40% بعد أن كانت 25% وأصبحت حصة الشركات الخاصة 60% بعد أن كانت 75 %".
وعن عدم وجود بوابات تكفي المواطنين لدى المقاسم، قال صباغ" هناك عدة مشاريع للتوسع وقد وضعنا خطة لتحديد المقاسم المتعطشة للخدمة في دمشق ليتم تأمين بوابات كافية فيها وهي ( مقاسم الجلاء والنصر وركن الدين ودوما)" مشيراً إلى أن " خدمة adsl لم تستقر بعد وإن الدراسة التي سبقت إتاحة الخدمة كانت غير دقيقة وتبين لنا وجود مناطق متعطشة للخدمة أكثر من غيرها وعلى هذا الأساس بدأ التزويد حسب الطلب".
الاستغلال نتيجة عدم الشكوى
وعن استغلال الشركات الخاصة وموظفي المقاسم، قال صباغ إن "الاستغلال يعود للمواطنين ووعيهم فلا توجد أية شكاوي ولا وثائق أو شهود حول عمليات النصب تم تقديمها إلى المؤسسة" مشيراً إلى أنه "في حال وجود تجاوزات يقال الموظف المخالف من منصبه ويحال إلى التحقيق، أما فيما يخص الشركات الخاصة وتجاوزاتها إن وجدت تتعرض الشركة إلى غرامات مادية وإن تكرر الأمر أكثر من 3 مرات تفسخ عقود الشركة مع المؤسسة العامة".
وأضاف صباغ إنه" يجب أن يكون المواطنين على سوية من الوعي تدفعهم للشكوى على الجهة التي تستغلهم لنقوم بواجبنا كمؤسسة تجاه المخالفين، وللحد من وقوع المواطنين تحت عملية الغش نقوم يومياً بوضع البوابات المتوافرة على موقع المؤسسة إلاّ أن هذه الآلية صعبة كون التعديل آني ويمكن أن تباع أي بوابة في لحظة".
وحول أسعار البوابات، قال صباغ " إن البوابات تباع للشركات الخاصة بذات السعر الذي تباع به للمواطنين وهو 600 ليرة سورية ويبلغ السعر بالمجمل مع خدمة adsl ألف ليرة سورية فقط(الحديث عن سرعة 256 ميغا)، إلا أن الشركات الخاصة تشتري الخدمة من المؤسسة بالجملة، فقد تقوم بشراء 100 ميغا وتقوم بتوزيعها عبر بواباتها التي اشترتها من الشركة إلى مشتركيها الخاصين".
مسموح رفع الأسعار حتى 25%
وعن صلاحيات الشركات الخاصة برفع الأسعار، قال مدير الإدارة التجارية إن " سعر مبيع الشركات الخاصة مضبوط بشكل جيد بحيث لا تستطيع الشركات أن تخفض أسعارها عن المؤسسة العامة وذلك ضماناً للسوق، وهناك لجان تتابع ضبط السوق من أسعار الشركات الخاصة التي لا يسمح لها أن ترفع سعرها عن سعر المؤسسة العامة للاتصالات أكثر من 25% كحد أقصى".
وفيما يخص ازدياد عمليات الاحتكار والسمسرة، قال صباغ إن " المقاسم تدخل في نسبة التقنين في حال قل عدد البوابات لديها عن الـ20 وعلى هذا تصبح آلية الحصول على البوابة صعبة، وذلك تجنباً من المقاسم النزول تحت الحد المقرر وهنا قد يكون الاستغلال".
3 مشاريع لحل الأزمة أخرها العام القادم
أما عن حل الأزمة، فقد قال الصباغ إن " المؤسسة العامة للاتصالات بصدد 3 مشاريع للتوسع ببوابات خدمة adsl وهي مشروع اريكسون الذي ينتهي آخر شهر أيلول القادم بـ120 ألف بوابة، ومشروع هواوي بـ40 ألف بوابة وهو حالياً في مرحلة التعاقد ويحتاج حتى أخر العام الحالي ليكون قيد التنفيذ، ومشروع bdn2 بـ200 ألف بوابة قابلة للتوسع حتى مليون بوابة وهو قيد التعاقد أيضاً ويحتاج إلى نهاية العام القادم حتى يدخل الخدمة".
وأضاف " طلبنا من مقاسم المؤسسة أن تتيح المجال للراغبين بحجز البوابات ريثما يتم توفيرها" مشيراً إلى أن" شروط الحصول على الخدمة هو رقم هاتف ثابت وأخر فاتورة وعنوان المنزل وصورة عن الهوية واستمارة بحيث تحتاج الخدمة مدة أسبوع فقط لتكون قيد الاستخدام في حال توفرت الإمكانات الفنية".
عقوبات على المخالفين
وللوقوف على رأي الشركات الخاصة من تجاوزات موظفيها،نائب المدير العام في إحدى الشركات الخاصة ماهر مبارك، الذي قال إن" الشركة تتيح خدمتين للمشتركين وهي limit و open، الأولى يستطيع المشترك بموجبها أن يحدد حجم downloadالذي يريده وعلى هذا الأساس يتم احتساب الاشتراك، في حين تكون الخدمة الثانية أكثر سعراً من المؤسسة العامة للاتصالات بحدود 15 إلى 25%، فمثلاً سعر خدمة adsl بسرعة 256 تكون 1200 ليرة سورية".
وأضاف "في حال وجود أي تجاوز للسعر من قبل نقاط البيع الخاصة بالشركة تفرض على الموظف عقوبات وغرامات معينة كون العلاقة بيننا محكومة باتفاق يمكن أن يحرمه من عمله في حال خرقه، فالشركة بغنى عن هذه التجاوزات لوجود عقوبات تفرض علينا من قبل المؤسسة العامة للاتصالات في حال عدم الالتزام، لذلك نشدد على موظفينا عدم بيع البوابات بالسوق السوداء".
وعن وجود حالات تجاوز سابقة، قال مبارك إنه" في إحدى المرات لاحظنا وجود تجاوز للحد المسوح به من الربح لأحد العملاء لدينا، لذلك أوقفنا طلباته ريثما نتحقق من الموضوع، ثم تبين لنا أن العميل يقطع سعر الخدمة مع راوتر الشركة دون إعلام الزبون بذلك " مشيراً إن سعر راوتر الشركة 2000 ليرة سورية".
وطالب مبارك المواطينن" عدم السكوت في حال الوقوع بالغبن والرجوع إلى الشركة لمحاسبة المخالف".
حتى الــdial up؟
خدمة الانترنت التي تؤرق المستخدمين لم تتوقف عند مشاكل الحصول على خدمة adsl، حيث اشتكى عدد من المستخدمين( احمد وصفوان و ديلاور وبشر) من تعطل خدمة dial up وقال احمد " لم نستطع الحصول على adsl لذلك أمنّا وسلمنا أمورنا إلى بطاقات الاشتراك إلا أنها ومنذ حوالي الأسبوعين معطلة فلا يمكننا الدخول إلى الانترنت إلا بشق الأنفاس".
وأردف" ليس من المعقول أن تكون سورية أخر الدول في الانترنت فجميع الدول الشقيقة خدمة الانترنت لديها كالكهرباء والماء أي أنها من أساسيات الحياة إلا أن المؤسسة العامة للاتصالات غير مقتنعة بتحسين الخدمة وتوفير الانترنت للجميع، ولا يوجد أي تقدير بأن أعمالنا باتت تتوقف عليها بعض الأحيان".
موضوع: سوق الانترنت في سورية واقع في العجز ..والواسطة والرشوى لا تأتي دائما بنتيجة .؟