هو أحد الأدوية التي شاع استخدامها قديماً وحديثاً، وهو يستخرج من أوراق نبات ست الحسن
أحد نباتات العائلة الباذنجانية (Solanaceae) واسمه العلمي هو أتروبا بلاَّدونا (Atropa belladonna) وكلمة بلادونا هي اختصار لعبارة " لا بلاَّدونا " (La Bella Donna) باللغة الإيطالية، وتعني السيدة الرائعة الحسن. وترجع هذه التسمية لاستخدام عصارة هذا النبات في مستحضرات التجميل في الأزمنة القديمة، حيث كان يستعمل لإحداث اتساع في حدقة العين الذي كان يعد مظهراً من مظاهر جمال النساء آنذاك. أما كلمة أتروبا، فهي إشارة إلى أتروبس (Atropos)، أحد الرموز الوثنية الإغريقية التي كان الإغريق يعتقدون أنها تقوم بقبض الأرواح، وقد شبهوا به هذا النبات لما له من تأثير سام قد يودى بالحياة.
كما يتواجد الأتروبين في نباتات أخرى عديدة، كلها تنتمي إلى العائلة الباذنجانية، مثل: نبات شوكة التفاح (Thorn Apple)، والداتورة (Datura stranonium) وقد استخدم الإنسان هذه النباتات منذ عصور سحيقة لتأثيرها المنشط، كما استخدمها في التراكيب السحرية في العصور الوسطى بأوروبا.
والأتروبين يتكون من قاعدة التروبين (Tropin) المتحدة مع حمض التروبيك (Tropic Acid) بواسطة رابطة عضوية قوية.
ويستخدم الأتروبين في العصر الحالي دواءً لتخفيف الآلام الحادة المصاحبة للمغص الكلوي. ويشيع استخدامه لدى أطباء العيون، لتأثيره في اتساع حدقة العين، بحيث يتيسر لهم بعد ذلك فحص قاع العين. كما أن له أثراً يكاد يكون سحرياً في علاج التسمم بالمبيدات الحشرية، والكيماويات السامة المحتوية على مركبات الفوسفور العضوية، بالإضافة إلى العديد من الاستخدامات الأخرى التي سيأتي ذكرها فيما بعد.
وقد احتار العلماء في فهم كيفية عمل الأتروبين على أجهزة الجسم المختلفة، فإذا استخدم موضعياً كان له تأثير مخدر. أما إذا تعاطاه المريض بالفم، كان له تأثير منشط. وكلا التأثيرين من فعل الأتروبين على الجهاز العصبي. أما إذا وُضعت قطرات منه على العين، فإنه يسبب ارتخاءً في العضلة الدائرية العاصرة لحدقة العين فتتسع. وعلى النقيض من ذلك يسبب الأتروبين انقباضاً في العضلة العاصرة للمثانة البولية؛ ولذا يستخدم في علاج حالات التبول اللاإرادى. ويسبب الأتروبين كذلك ارتخاءً في العضلات اللاإرادية الموجودة في جدار الأمعاء، والجهاز البولي، والتنفسي؛ ولذلك فإن من أكثر استخداماته شيوعاً استخدامه في حالات المغص المعوي والكلوي، كما أنه مفيد في حالات الربو الشعبي.
ومقدرة الأتروبين على وقف إفرازات الغدد القنوية جعلته عَقّارًا مثاليًّا يعطى قبل التخدير الكلي، فيقلل من إفرازات الجهاز التنفسي واللعاب التي قد تسبب التهابًا رئويًا، يخشى حدوثه بعد العمليات الجراحية. كما أن الأتروبين ينشط عضلة القلب؛ وبهذا يحميها من التأثير المثبط لها من معظم المواد الكيميائية المستخدمة في التخدير.
ومعظم تأثيرات الأتروبين تُعزى إلى مقدرته الفريدة في المنافسة مع مادة الأستيل كولين (Acetyl Choline)، وهي مادة تُفرز عند التقاء الأعصاب مع أنسجة الجسم، وتتحد مع مستقبلات خاصة على سطح الخلية، فترسل تلك المستقبلات إشارة إلى داخل الخلايا، فتحثها على أداء وظيفة معينة. وبعد انتهاء المهمة يتم التخلص من مادة الأستيل كولين بواسطة إنزيمات خاصة. وإذا تعرض الإنسان لسموم تحتوي على مركبات الفوسفور العضوية مثل: المبيدات الحشرية، أو غازات الأعصاب المستخدمة في الحروب لديها، توقف هذه السموم نشاط الإنزيم المسؤول عن التخلص من الأستيل كولين، الأمر الذي قد يؤدى إلى إحداث شلل في عضلات التنفس أو توقف القلب. وتعاطي الأتروبين في هذه الحالات ينقذ حياة المريض؛ إذ يتحد الأتروبين مع مستقبلات الأستيل كولين ويضاد تأثيره فيعود الإنسان إلى سابق عهده.
والأتروبين سريع الامتصاص، سواء استخدم موضعياً أم عن طريق الحقن، أم عن طريق الفم. ويستمر تأثير الأتروبين لساعات قليلة تتراوح من 2 - 6 ساعات. وللحصول على تأثير متصل ومستمر للأتروبين يراعى تكرار تعاطيه كل 4 - 6ساعات.
وعلى الرغم من مميزات الأتروبين إلا أن له مضار عديدة، فقد يكون سامًّا إذا تعاطى منه الإنسان جرعات زائدة. وقد يعاني بعض المرضى - عقب تناول جرعات كبيرة من الأتروبين - من عدم القدرة على رؤية الأشياء القريبة، مع وجود زغللة الأمر الذي قد يصيبهم بفزع عصبي حيث يثار المخ، وتبدأ نوبات من الهلوسة والجنون يعقبها إغماء قد يستمر حتى وفاة المريض.
كذلك فإن استمرار اتساع حدقة العين لفترات طويلة بعد تعاطيه يصيب الإنسان بنوبات فزع وخوف من الضوء المبهر، إذ يفقد القدرة على تنظيم مرور الضوء الداخل إلى شبكية العين عن طريق تغيير قطر الحدقة.
ومن الطريف أنه يمكن الكشف عن حالات التسمم الناتجة عن الأتروبين عن طريق أخذ بضع قطرات من بول المصاب، ثم وضعها في عين حيوان معملي فتتسع حدقته على الفور.