تتحول كميات هائلة من الغازات في الجو من حالتها الغازية إلى الحالة السائلة ثم إلى الحالة الصلبة عن طرق التكاثف، أو من الحالة الغازية إلى الحالة الصلبة مباشرة عن طريق التسام Sublimation. ويقصد بالتكاثف تحول بخار الماء الموجود في الجو من حالته الغازية إلى جسم سائل أو صلب يمكن رؤيته بالعين المجردة، فعندما تنخفض درجة حرارة الهواء إلى نقطة التجمد أو نقطة الندى ـ بالقرب من سطح الأرض ـ يتعرض بخار الماء في الهواء لعمليات التكاثف، التي تتخذ صوراً مختلفة، منها الندى Dew، والصقيع Frost، والضباب Fogs بأنواعه المختلفة. أمّا إذا انخفضت درجة الحرارة عند المستويات المرتفعة جداً من سطح الأرض، فيتعرض بخار الماء الممثل في الهواء لعمليات التكاثف التدريجية والفجائية وتتخذ مظاهر مختلفة منها البرد Hail، والثلج Snow، والسحب Clouds، والمطر Rain.
1- بعض مظاهر التكاثف في الهواء القريب من سطح الأرض
أ- الندى Dew
وهو عبارة عن قطرات مائية تُشاهد في الصباح الباكر على أوراق النباتات، وأسوار الحدائق، وزجاج النوافذ، وغيرها من الأجسام الصلبة المعرضة للجو نتيجة لتكاثف بخار الماء في الهواء الملاصق لها. ويحدث ذلك عندما تنخفض حرارة تلك الأجسام أثناء الليل، وتهبط إلى نقطة الندى (الصفر المئوي) الخاصة بالهواء الملامس لها. ويساعد على تكوين الندى صفاء الجو وخلوه من السحب أثناء الليل. وقد لا يكون للندى أهمية في المناطق الرطبة، أمّا بالنسبة للمناطق الحارة الجافة فيساهم الندى في سرعة نمو النباتات والأعشاب في تلك المناطق.
ب- الصقيع Frost
وهو يشبه الندى من حيث أوقات ومواقع تكونه إلاّ أنه يختلف عنه في التكوين، حيث يتألف من بلورات صغيرة من الثلج، ويرجع ذلك إلى انخفاض درجة حرارة الهواء الملامس لسطح الأرض إلى أقل من الصفر المئوي، وغالباً ما يكون هذا الانخفاض انخفاضاً فجائياً، بحيث تتجمد الغازات الجوية الملامسة لسطح الأجسام المعدنية والقريبة من سطح الأرض تجمداً مباشراً، وهو ما يسمى بعملية التسام.
وإذا كان الندى يفيد نمو النباتات، فإن الصقيع يؤدي إلى إتلاف النباتات خاصة عند بداية نموها. وقد ينجم عنه حدوث أضرار بالغة بمزارع الأشجار المثمرة والحدائق، ويضطر المزارع إلى إشعال مواقد خاصة تُصف بين الأشجار المزروعة لتدفئتها ليلاً. وبخلاف الندى الذي يزول أثره إذ كانت الرياح شديدة، فإن الصقيع تقل أخطاره إذ كان الهواء ساكناً، وتزداد أضراره إذ كانت سرعة الرياح شديدة.
ج- الضباب Fog
وهو عبارة عن ذرات مائية خفيفة الوزن تتطاير في الهواء ويزداد ثقلها مع اقترابها من سطح الأرض. وتقل عند حدوثه الرؤية عن كيلومتر واحد أو أقل، أمّا إذا كانت الرؤية أكثر من الكيلومتر فيعرف في هذه الحالة باسم الشابورة Mist، وفي الحالة الأخيرة سرعان ما تنقشع عند سطوع الشمس في الصباح الباكر. ومن ثم، فإن قياس الضباب يعتمد على قياس مدى الرؤية السائدة في المنطقة Prevailing Visibility. لتقدير مدى الرؤية في الممرات الرئيسية بالمطارات، يستخدم جهاز الترانسميسومتر Transmissometer لقياس سرعة انتقال الضوء Transmission of Light على طول ممر ثابت.
ونظراً لخطورة حدوث الضباب على سلامة حركة الطيران والنقل البري، فقد وضع العلماء مقياساً دولياً للضباب (يقيس من صفر إلى 9) ويعتمد هذا المقياس على المشاهدة بالعين المجردة، تبعاً لأقصى مسافة يمكن للعين رؤية معالم الأشياء عندها بوضوح.
ويمكن تقسيم الضباب إلى عدة أنواع تبعاً للظروف، التي يحدث بسببها التكاثف، إلى الأنواع التالية:
- ضباب اليابس Land Fog أو ضباب الإشعاع Radiation Fog
ويتكون في المناطق المنخفضة من اليابس في الليالي الرطبة الصافية الخالية من السحب، حيث يفقد سطح الأرض حرارته بالإشعاع ويبرد الهواء الملامس له ويتكاثف ما يحمله من بخار الماء بالقرب من السطح مكوناً الضباب. ولهذه الظروف يغلب حدوث هذا النوع من الضباب في أشهر الشتاء، وتشتد كثافته في الجزء الأخير من الليل والجزء الأول من النهار.
- ضباب البحر Sea or Advection Fog
وهو أقل سمكاً من ضباب اليابس. ويتكون نتيجة لانتقال هواء دافئ رطب فوق مياه باردة نسبياً، كما هو الحال عندما يتحرك الهواء، الذي يعلو التيارات البحرية الدفيئة، ويمر فوق تيارات بحرية باردة، لهذا يزيد الضباب عند مناطق التقاء التيارات البحرية الدفيئة والباردة، مثل منطقة جزر اليابان، حيث يلتقي تيار كيروسيفو الدافئ بتيار كمتشتكا البارد.
- ضباب المدن Town Fog
وهو يحدث في أجواء المدن بسبب ركود الهواء وانخفاض حرارته تبعاً لانخفاض حرارة سطح الأرض أثناء الليل، وبالتالي يتكاثف بخار الماء، ويساعد على حدوث التكاثف انتشار ذرات الغبار والكربون من دخان المصانع التي تكثر في المدن، أمّا المدن الصناعية فيتسم ضبابها بالتلوث الشديد نتيجة لما تفقده مداخن المصانع من غازات مختلفة في الهواء. ويطلق على هذا الضباب الملوثDirty Fog اسم الضباب الدخاني الأسودSmog.