هي مياه الأمطار، التي تكون قيمة الأس الهيدروجيني لها حمضية (وغالباً يراوح بين 4 و5)، وذلك لتكوّن حمضي الكبريتيك والنيتريك، الناتجين من تفاعل أكاسيد الكبريت والنيتروجين، الموجودة في الجو، مع قطرات الماء، الموجودة في المطر . وعلى الرغم من أن مياه الأمطار النقية، تكون حمضية بعض الشيء نتيجة ذوبان ثاني أكسيد الكربون في قطراتها، إلاّ أن درجة الحمضية تكون مخففة، إذ يصل رقمها الهيدروجيني إلى حوالي (6) في غالب الأحوال.
وقد يعزى هطول هذه الأمطار الحمضية، إلى بعض الظواهر الطبيعية في بعض الأحوال، مثل الأنشطة البركانية. ولكن التلوث الصّناعي، وانطلاق كميات هائلة من أكاسيد الكبريت والكربون والنيتروجين، يظل هو السبب الأكبر في تَكَوّن الأمطار الحمضية.
ويرجع التأثير الضار للأمطار الحمضية على البيئة، إلى تغييرها للبيئة المائية إلى بيئة حمضية، بما يؤدي إلى نفوق الكائنات الحية، واختلال التوازن البيئي، في البيئة والمسطحات المائية. كما تؤدي الأمطار الحمضية، أيضاً، إلى تآكل المنشآت المعمارية والآثار، كما تتسبب في ازدياد تأكل المواسير والأنابيب المكونة لشبكات مياه الشرب، وزيادة نسبة ذوبان الفلزات الثقيلة، وتحررها من التربة أثناء جريان المياه الحمضية في البحيرات والأنهار، الأمر الذي يؤدي في النهاية، إلى زيادة تركيز الفلزات الثقيلة السّامة، مثل: الرصاص، والكادميوم، والنحاس في مياه الشرب.
وتزداد المشكلة تعقيداً بسبب حركة الرياح، التي قد تحمل الأكاسيد المتسببة في الأمطار الحمضية من مكان إلى آخر، مثلما هو حادث في أمريكا الشمالية، حيث تشير أصابع الاتهام إلى أن ولايات الحزام الصناعي الأمريكي، مثل: أوهايو، تُعدّ مسؤولة، عن حوالي 50% من الأمطار الحمضية، التي تسقط على كندا.
وقد تأثرت مئات البحيرات في نصف الكرة الشمالية، خصوصاً في السويد، والنرويج، والمملكة المتحدة، وشمال أمريكا، بهذه الأمطار الحمضية، حيث تبدو، لأول وهلة، أنها بحيرات تحتوي على مياه عذبة شفافة، إلاّ أنها في حقيقتها مياه ليس بها حياة، نتيجة تأثير الأمطار الحمضية عليها. وقد وصلت هذه البحيرات إلى درجة ملحوظة من الحموضة، بعدما استنفدت مقدرة التربة على معادلة التأثير الحمضي للأمطار، حيث تحتوي التربة على عدد من الأملاح القلوية، مثل: كربونات الكالسيوم، والماغنسيوم، التي لها القدرة على معادلة الأحماض. وبعد أن فقدت التربة مقدرتها على معادلة الأحماض، لم تعد البحيرات ذات مقدرة، على معادلة التأثير الضار للأمطار الحمضية. وفقدت مقدرتها على تدعيم الحياة فيها، أو إعادة التوازن البيولوجي لها. كما فقدت كثير من الغابات مظاهر الحياة فيها
، وكذا، فقدت الأراضي الزراعية كثيراً من خصوبتها، ولم يُجد استخدام الجير الحي، أو المواد القلوية كثيراً، في رجوع هذه الأراضي إلى طبيعتها، أو استعادة البحيرات توازنها البيولوجي.
كما أن هناك، أيضاً، الأمطار القاعدية (Alkali Rain)، التي قد يصل رقم الأس الهيدروجيني لها إلى أكثر من (8)، وتكون، عادة، غنية بالكالست وغيرها من المواد القاعدية المذابة، كالكربونات. إلاّ أن هطولها ينحصر في المناطق الجافة وشبه الجافة، مثل مناطق الشرق الأوسط، كما لا يشكل سقوطها أخطاراً، مثل التي تشكّلها الأمطار الحمضية.
الماء والتربة
في بعض الأحيان تؤدي خواص الماء الكيميائية، دوراً كبيراً في مجال الزراعة، وتحديد التصميم الهندسي للجسور والمنشآت، المقامة فوق بعض أنواع التربة. ففي حالة وجود بعض أنواع التربة الطينية، التي يغلب على تكوينها وجود صلصال المونتموريلوني (Montomorillonite Clay)، كما هو الحال في تربة القطن السوداء في السودان، وولاية تكساس. فعند تشبّعها بالماء، تتمدد هذه التربة لتصبح ضعف حجمها عدة مرات، نتيجة تكوّنها من صفائح ذات أسطح سالبة الشحنة الكهربائية، بما يمكنها من الاتحاد مع الأطراف الموجبة للرابطة الهيدروجينية لجزيئات الماء. أمّا عند فقدان هذه التربة للماء، فإنها تعود إلى سابق حجمها الطبيعي، الأمر الذي يؤدّي إلى تشققها.
النظائر في المياه النقية
من ضمن خصائص الماء المميزة، احتواؤه على نظائر للهيدروجين والأكسجين. فذرة الهيدروجين العادي(H) تحتوي على بروتون واحد، ولا تحتوي على نيوترون في نواتها، وعددها الذري يكافئ وزنها، الذي يكافئ الواحد الصحيح. ويوجد مع الهيدروجين العادي نظيران آخران، هما الديوتيريوم (Deuterium)، وهو نظير ثابت (Stable Isotope)، والآخر هو التريتيوم (Tritium)، وهو نظير مشع(Radioactive Isotope) .
ويختلف هذان النظيران عن الهيدروجين العادي، في احتواء نواتهما على النيوترونات، خلافاً للهيدروجين العادي. فذرة الديوتيريوم، تحتوي نواتها على نيوترون، لذا فعدده الذري 1، ووزنه الذري 2. أمّا ذرة التريتيوم فتحتوي نواتها على 2 نيوترون، ووزنه الذري 3، بينما يظل عدده الذري 1. لذا فإن ذرة الديوتيريوم، أثقل من ذرة الهيدروجين مرتين، وذرة التريتيوم، أثقل من ذرة الهيدروجين ثلاثة أضعاف.
ويوجد الديوتيريوم في المياه بصفة طبيعية بنسبة قليلة، حيث يُعد أحد مكونات الماء الطبيعية. أمّا التريتيوم، فيوجد في الطبيعة نتيجة تفاعل الأشعة الكونية مع هيدروجين بخار الماء، أو ينتج أثناء إجراء التفاعلات النووية.
كما يوجد، أيضاً، نظيران للأكسجين، هما O17 وO18. فنظير الأكسجين العادي وزنه الذري 16. ويوجد هذان النظيران مع الأكسجين العادي في الماء في الطبيعة، بنسب قليلة. فالأكسجين O17 يمثل ما يقرب 0.038%، من أكسجين الماء، بينما تصل نسبة نظير الأكسجين O18، إلى حوالي 0.20%، من الأكسجين الموجود في الماء.
الماء الثقيل (أكسيد الديوتيريوم)
وهو نوع من الماء، تُستبدل فيه ذرة الهيدروجين بذرة ديوتيريوم (هيدروجين ثقيل)، وهي ذرة هيدروجين تحتوي في نواتها على بروتون واحد، ونيوترون واحد.
ويتشابه الماء الثقيل مع الماء العادي في معظم الصفات الكيميائية، غير أن درجة الغليان للماء الثقيل تصل إلى 101.4 درجة مئوية، في حين تصل درجة التجمد إلى 3.8 درجات مئوية. ويوجد الماء الثقيل في الطبيعة مختلطاً بالماء العادي، ولكن بنسبة قليلة (جزء ماء ثقيل في 6500 جزء ماء عادي).
ويرجع تاريخ الحصول على الماء الثقيل بصورة نقية إلى عام 1933، حينما نجح العالم جيلبرت نيوتن لويس Gilbert Newton Louis في الحصول على الماء الثقيل، عن طريق التحليل الكهربائي للماء العادي. ويستخدم الماء الثقيل في دراسة التفاعلات الكيميائية المختلفة، ومبرداً في المفاعلات النووية.