وهي طبقة الجلد الخارجية ويبلغ سمكها في المتوسط 0.2 ملم، وتتألف من عدة طبقات من الخلايا المرصوصة بعضها فوق بعض. وأول عشرين طبقة على الأقل من خلايا البشرة تتكون من خلايا مفلطحة ميتة تحولت إلى ما يسمى بالحراشيف وتسمى بالقرنية. وتحتوي القرنية على بروتين الكيراتين الصلب الذي يجعلها عازلة للماء، وهو نفس البروتين المُكوِّن للشعر والأظافر. وقد تتساقط قطع من الحراشيف خصوصاً في منطقة أعلى الجمجمة. ويفقد الجلد يومياً عدة آلاف من خلايا البشرة تُستبدل بخلايا جديدة ومن ثم يُستبدل الجلد مرة كل 27 يوماً استبدالاً كاملاً، حيث يتم التخلص من الجراثيم والأوساخ والصبغات التي قد تعلق بسطحه الخارجي.
وللبشرة أهمية حيوية قصوى؛ فإضافة إلى كونها العازل الرئيسي للجلد، تحتوي البشرة على السوائل الحيوية الهامة للجسم، بحيث لو أصيب جلد الإنسان بحروق تدمر أكثر من 60 % من سطح البشرة، لأدى ذلك إلى الوفاة، حيث يفقد الجسم سوائله الحيوية، الأمر الذي يؤدي إلى اختلال تركيبه الداخلي ثم الوفاة.
ويوجد بين خلايا البشرة خلايا أخري تختلف في الشكل والمنشأ والوظيفة، فهي تفرز مادة ملونة اسمها الميلانين مسؤولة عن إعطاء البشرة لونها المميز (أشقر، قمحي ، أسمر، أسود، أو مائل للاصفرار) . ومن العجيب أن عدد الخلايا التي تفرز الميلانين ثابت في جميع أجناس البشر بغض النظر عن لون البشرة، إلا أن نشاط الخلية ومقدار ما تفرزه من الميلانين يحدد درجة تلون البشرة، فهذه الخلايا نشطة جداً في الجلد الأسود وأقل نشاطاً في الجلد الأبيض وأقل في الجلد الأشقر.
وَمِنْ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِك ووظيفة الميلانين الأساسية هي حماية الجلد من أشعة الشمس فوق البنفسجية التي تدمر خلايا الجسم، ولذلك يحدث اسمرار في لون البشرة بعد التعرض للشمس حتى تحمي الجسم من هذه الأشعة؛ إذ إن حبيبات الميلانين لها مقدرة هائلة على امتصاصها. أما إذا تعرض الإنسان للأشعة فوق البنفسجية لفترات طويلة، فإن ذلك يسبب موتاً لخلايا الجلد أو إبطالاً لإنزيماتها، أو يحدث خللاً في شفرتها الوراثية فتنقلب إلى خلايا سرطانية شرسة.
توجد تحت البشرة مباشرة ويبلغ سمكها عشرة أضعاف سمك طبقة البشرة تقريباً، وتتألف من نسيج ضام يحتوي على مجموعة كبيرة من الأوعية الدموية والليمفاوية التي تغذي الجلد. والنسيج الضام الموجود في طبقة الأدمة يعطي الجلد القوة والمرونة. كما يوجد في طبقة الأدمة جذور الشعر والغدد العرقية والزيتية، التي تنتج زيوتاً هامة جداً لحماية الشعر والجلد من الجفاف. كما يوجد في الجلد أكثر من ثلاث ملايين غدة لإفراز العرق الذي يخرج كذلك من مسام الجلد، الأمر الذي يساعد على تنظيم درجة الحرارة. والعرق سائل ملحي يقوم بغسل الجلد وتنظيفه ويُكَوّن وسطاً غير مناسب لنمو الجراثيم، كما أنه يحتوي على مواد قاتلة لأنواع من البكتريا تتسبب في الطفح الجلدي والدمامل.
وتوجد غدد عرقية متحورة في منطقة الإبطين ومنطقة اتصال الفخذين بالجسم تفرز عرقاً ذا رائحة مميزة تتحكم الهرمونات الجنسية في إفرازه وتختلف رائحته في الذكر عن الأنثى.
وتوجد تحت طبقة الأدمة طبقة من النسيج الضام التي تربط الجلد بالعضلات والعظام وتُخزن فيها الدهون الزائدة عن حاجة الجسم. وتوزيع الدهون في هذه الطبقة يعطي جسم الإنسان شكله المميز للجنس والعمر حيث يختلف التوزيع بين الذكر والأنثى والأطفال والبالغين. وتعتبر هذه الدهون الزائدة مخزناً لطاقة الجسم لكي يستعملها عند الحاجة.
ويفرز الجلد أيضاً أجزاءً قرنية صلبة تغطي نهايات الأصابع تسمى الأظافر. ينغمس الجزء الخلفي منها في ثنية خاصة بالجلد تحتوي على الخلايا المجددة للأظافر. وينمو الظفر بمعدل 0.1 ملم يومياً.
ويغطي الشعر جميع أنحاء الجسم باستثناء راحة اليد وأخمص القدم والشفتين. وهناك نوعان من الشعر، نوع فاتح اللون لا يرى بالعين المجردة، والنوع الآخر سميك ملون يُرى بسهولة مثل شعر الرأس والحاجبين. وتُصنع الشعرة وتُفرز من مجموعة من الخلايا المتخصصة الموجودة في الجلد. ويقدر معدل نمو الشعر بـ 0.35 ملم يومياً. ويبلغ عمر كل شعرة حوالي 3 سنوات تسقط بعدها تاركة مكانها لشعرة جديدة.
ويعتبر الجلد عضواً أساسياً في تنظيم درجة حرارة الجسم بما يحتويه من شبكة هائلة من الأوعية الدموية والغدد العرقية، فإذا زادت حرارة الجسم اتسعت أوعية الجلد الدموية، الأمر الذي يزيد من فقدان الحرارة عن طريق الإشعاع، ويزداد إفراز العرق فيقلل من درجة حرارة الجسم عند تبخره. أما إذا انخفضت درجة حرارة الجو، فإن الأوعية الدموية تضيق ويتوقف إفراز العرق فيحتفظ الجسم بحرارته الداخلية.
ويعتبر الجلد المصدر الرئيسي لفيتامين (D)؛ إذ يكونه من مواد أولية عند التعرض لأشعة الشمس. ولذلك يلاحظ إصابة الأطفال الذين لا يتعرضون لضوء الشمس بدرجة كافية بمرض الكساح الناتج عن نقص هذا الفيتامين.
وقد اُكتشف أخيراً أن للجلد دوراً هاماً في تقوية مناعة الجسم ومقاومته للأمراض. فالجلد يحتوي على عدد من كرات الدم البيضاء أكثر مما يحتويه الدم نفسه وفي ذلك حكمة بالغة، فالجلد يفصل بين داخل الإنسان والوسط الذي يعيش فيه المليء بأعداد لا حصر لها من الميكروبات. وعند حدوث أي جرح فإن هذه الميكروبات تنفذ إلى داخل طبقات الجلد فتفتك بها كرات الدم البيضاء (الخلايا الأكولة والخلايا الليمفاوية) التي تُفرز أجساماً مضادة لهذه الميكروبات. ولذلك يعتبر الجلد خط الدفاع الأول عن الجسم.
بالإضافة إلى وظيفة الحماية، يُعد الجلد عضواً حسياً هاماً ينتشر به نوعان من نهايات الأعصاب التي تنقل الإحساس بالمؤثرات الخارجية إلى الجهاز العصبي .
ويتكون النوع الأول من أربعة مستقبلات خاصة باللمس والضغط توجد في مستويات مختلفة من الجلد، وعند حث هذه المستقبلات، ترسل إشارة إلى النخاع الشوكي، فينقلها بدوره إلى مراكز المخ العليا. يسمى المستقبل الأول قرص ميركل (Merkel's Disk) وهو منتشر في بشرة الجلد خصوصاً في المناطق غير المغطاة بشعر كثيف، وهو حساس للّمس والضغط الخفيف. أما المستقبل الثاني فيسمى كرية ميسنر (Meissnr's Corpuscle) وهو مغطى بغطاء يشبه صدفة القوقع ويوجد في أدمة الجلد عند كف اليد وأخمص القدم والشفتين وجفون العين وحلمة الثدي والجلد المغطي للأعضاء التناسلية الخارجية، وهو أيضاً حساس للّمس والضغط الخفيف.
وثالث مستقبلات الضغط يسمي كرية رافيني (Ruffini's Corpuscle)، ويشبه فطر عيش الغراب، ويوجد في الطبقة السفلى من أدمة الجلد، ويُعد المسؤول عن الشعور بالضغط الشديد على الجلد. وعلى الرغم من أنه موزع على أجزاء الجسم المختلفة إلا أنه موجود بكثرة في منطقة الركبتين وحول المفاصل الخارجية.
أما النوع الأخير فيسمى كرية باسينيان (Pacinian's Corpuscle)، ويتكون من عدة طبقات دائرية موجودة في أكثر طبقات الجلد عمقاً، كما يكثر انتشاره في الجلد المغطي للمفاصل والعضلات الكبيرة، وهو يُسْتحث عند الضغط الشديد والاهتزازات.
والنوع الثاني من نهايات الأعصاب الطرفية عبارة عن شبكة عصبية كثيفة في الطبقة الخارجية من الجلد في جميع أنحاء الجسم وهي المسؤولة عن الشعور بدرجات الحرارة. كما أن هذه النهايات العصبية مسئولة عن تمدد أوعية الجلد الدموية أو انكماشها، استجابة لدرجة الحرارة المحيطة. فإذا كان الجو حارًّا تمددت الأوعية الدموية فيفقد الجسم جزءًا من حرارته. أما إذا كان الجو بارداً انقبضت الأوعية الدموية فيحتفظ الدم بحرارته، ويصاحب ذلك الشعور بقشعريرة.