تعـرف ما تريـده الآن: ان تخلو بنفسك, وان تغمض عينيك وتنام. تنـام طويـــــــلا وبعمق:
كنجمةٍ قـصيَّـة, كبَـحْـرٍ منسي متـوحـد معتـزل.
نوم ليس كالنوم, اذ هو برزخٌ يفصلك. وخلوة ليست كباقي الخلوات, اذ هي مَـجَـازٌ ينقلك ويوصلك:
من مرأى يوحشك الى رؤيــة تلهــمــك.
* * *
كم تـتمنـى قـدَرَ اهل الكهف اذ آووا اليـه ونامـوا مئـات سنيـن.
وكم تُجِل المعلمَ الذي تجَلَّى له ما تجلى في الغـار في الاربعين.
* * *
تعرف ما تريده الآن: ان تغلق بابك فتـتلاشـى الاصـوات, وان تسـدل جفنـيك فـتـتـوارى المرئيـات.
وتغادر عالماً يتخبَّط بائساً لا يرى ابعد مما حوله ومما يطاله, فتحرق اشرعتك وتقطع حبلك السري معه.
* * *
مـا مـن مـفـر..
تريد لاشواقك الحبيسة ان تنطلق, ولجسدك المُثقلِ ان يأوي لمستقـر.
لا يتعلق مسعاك - كما قد يُظَن- بحسرة على ما فاتك, فقد نِلْتَ ما نلتَ, بل بروح ظمأى لا تستكين.
* * *
-وكيف لها ان تستكين قبل ان تسـتـبـيـن؟
يفزعها هـولُ ما تـرى: فـتـنـأى.
ويشدها مصيـرُ من تـرى: فـتدنو.
فتظل جَــــوَّابـــة..
لا يـأخـذها تـوق ٌ لِغَـدٍ.
ولا يسبيها للامس حنين.
* * *
ألم يـأنِ لها ان تهاجـر؟
ان تـعـبــر المــدى..
وان تنام -كما لم تنم من قبل- لعلها تـرى؟
* * *
في الفجر الصادق والصمت الغامر, يؤنِس سمعكَ صوتٌ خفي رفيق يقرأ عليك بيت شعر قديم:
"ليـتـني كنـت قبـل ما قد بـدا لي--- في رؤوس الجبــال ارعـى الوعــولا"
* * *
تعـرف "الآن" ما تـريــــــــــــــــــــــــــــــده.
وتصـبـــــــــــــــــــــو اليـــــــــــــــــــــــــــه.
بسام الهلسه [b]