الطب بين الإنسانية والتجارة!

رغم أن تعرفة أجور الكشوف الطبية محددة بشكل واضح وفقاً للقرار التنظيمي رقم (79) الذي أقرته وزارة الصحة عام 2003م، إلا أنه كثر الحديث مؤخراً عن أجور معاينة غير معقولة وصلت الى (1000) ل.س يتقاضاها بعض الأطباء من المرضى في عياداتهم الخاصة ، دون معرفة الأسباب التي دفعتهم لذلك وفي معظم هذه الحالات لاتتضمن أجرة المعاينة استخدام الأجهزة الطبية الموجودة لدى الأطباء، فإذا استخدمت يكون لها تسعيرة خاصة، الأمر الذي زاد من معاناة المرضى وشكل صعوبات كبيرة لديهم، حيث لم يبق أمامهم سوى الدفع دون أي اعتراض في سبيل التخلص من آلامهم، فغالبية هؤلاء الأطباء هم من ذوي الخبرة والمشهورين في اختصاصاتهم .

مجمل ذلك دفعنا للاطلاع والاستفسار أكثر عن هذا الموضوع، لذا قمنا بجولة ميدانية شملت عدة عيادات قلبية وعصبية ونفسية كون أعداد مراجعيها كبيرة وأجورها تختلف من طبيب لآخر، فكانت اللقاءات التالية: ‏

مفاجأة سارة ... ‏
السيد (ع.هـ): مريض قلب منذ خمس سنوات يذهب من محافظة الحسكة الى دمشق للمعالجة يقول: لقد تفاجأت في الفترة الأخيرة عندما راجعت أحد الأطباء وطلب مني أجرة معاينة مقدارها ألف ل.س علماً أنها لم تتضمن سوى أسئلة روتينية وتخطيط قلب عادي وليس ايكو دوبلرملون حيث يزيد الطبيب أجرة المعاينة الى (2500) ل.س عندما تتضمن هذا الاجراء.

ويضيف: ان هذه الأجرة المرتفعة لاتتناسب مع وضعي المادي لأني أعمل مزارعاً ولدي سبعة أولاد، بالاضافة الى مصاريف أخرى كالسفر والاقامة والأدوية الغالية الثمن ماأدى الى تشكيل أعباء اضافية لاتحتمل ومعاناة نفسية زادت من آلامي. ‏

ويشير: إن هذا الطبيب يعمل في أحد المشافي الحكومية وعيادته دائماً تغص بالمرضى وزيارته تتطلب تحديد موعد قبل اسبوع، فلماذا لايكتفي بـ (500) ل.س أجرة معاينة فهي كافية لتدر عليه أرباحاً مادية كبيرة، وهذا ان دل على شيء انما يدل على جشع واستغلال للمريض الضعيف! ‏

15 دقيقة بـ (800)ل.س ‏
السيد ابراهيم التقيناه مع أخيه المصاب بمرض الاكتئاب في إحدى العيادات النفسية وقد بدا عليه الانزعاج والاستياء قال: هذه المرة الثالثة التي نراجع فيها الطبيبة نتيجة تغيير الدواء بناء على طلبها، وفي كل مرة تتقاضى أجرة معاينة مقدارها (800) ل.س علماً أنها لاتتضمن سوى أسئلة وأجوبة عادية لاتتجاوز مدتها الـ (15) دقيقة. ‏

هذا عدا عن عدد المرات التي أحالتنا فيها الى المشفى الخاص المتعاقدة معه لإجراء جلسات معالجة ويضاف الى ذلك تكاليف الأدوية الباهظة الثمن، فقد بلغت مصاريفنا حتى الآن حوالي (50) ألف ل.س وحالتنا المادية تزداد سوءاً يوماً بعد يوم لأن العلاج يتطلب فترة زمنية طويلة، فماذا نفعل بأنفسنا؟ ‏

مضاعفات مرضية وزيادة مصاريف ‏
وتقول السيدة (هدى.س) مريضة سكر منذ أربع سنوات: ‏
يتقاضى طبيب السكري أجرة معاينة مقدارها (700) ل.س علماً أنها لاتتضمن سوى قياس للضغط والوزن، ومرضي هذا يحتاج الى متابعة دورية لضبط نسبة السكر في الدم، وحالتي المادية لاتسمح كوني ربة منزل وزوجي متقاعد، حيث اضطر في بعض الأحيان الى استدانة أجور المعاينة من الأقرباء وفي أحيان كثيرة لاأذهب الى المراجعة المحددة، الأمر الذي سبب لي مضاعفات مرضية أخرى، فقد أصبت بانفصال في شبكية العين وفقدان النظر في إحدى عيني بالاضافة الى اعتلال في عضلة القلب وقصور في الدسام التاجي، وأصبح يجب علي الآن مراجعة ثلاثة أطباء واجراء المزيد من التحاليل واستهلاك الكثير من الأدوية الغالية الثمن، ماأثقل كاهل الأسرة بزيادة المصاريف وتراكم الديون علينا. ‏

أجرة واحدة لاتكفي!! ‏
أما السيد (ح.م) مريض قلب منذ سنتين فيقول: أجريت عملية في القلب (زرع شبكة) بلغت كلفتها (250) ألف ل.س وعندما راجعت الطبيب الذي أجرى العملية بعد خمسة أيام للاطلاع على وضعي الصحي ومتابعة العلاج، وجدته يطلب مني أجرة معاينة مقدارها (600) ل.س، ولم أستطع وقتها إلا أن أستجيب دون أي اعتراض ويتساءل: هل أصبح استغلال المريض شطارة؟ وأين ذهبت الإنسانية. ‏

وتقول السيدة فاطمة مستغربة (50 سنة ـ تعاني من التهاب مفاصل) ذهبت الى الطبيب المختص وبعد المعاينة طلب مني عدة تحاليل وعدة صور وأخذ لقاء ذلك أجرة معاينة (500) ل.س وبعد ثلاثة أيام أخذ زوجي التحاليل والصور وعرضها عليه ليصف الدواء اللازم، فوجده يطلب منه أجرة معاينة أخرى (500) ل.س مقابل كتابة الوصفة، وبذلك يكون تقاضى أجرة معاينتين خلال أسبوع أي (1000) ل.س، فهل يجوز ذلك؟ ‏

لماذا لاتشتكون؟ ‏
وعندما سألنا المرضى لماذا لا تشتكون؟ قال أحدهم: ‏
لقد اصطدمت مرة مع أحد الأطباء من أجل أجرة المعاينة وقلت له سأشتكي عليك، فقال لي: اذهب أينما شئت وهددني ان فعلت، فكيف سأتجرأ وأشتكي عليه؟! ‏
ومريض آخر قال: عندما اعترضت على أجرة المعاينة قال لي الطبيب: لماذا أتيت الى هنا؟ اذهب الى المشافي الحكومية أوفر لك! ‏
ومرضى آخرون قالوا: ماذا ستنفع الشكاوى؟ فمعظم هؤلاء الأطباء على علاقة وثيقة مع أعضاء النقابة ومسؤولي الوزارة و حتى مع مسؤولين في الدولة، لذا فإن الشكوى ستضر أكثر مما تنفع! وأحدهم قال: الشكوى لغير الله مذلة... ‏

والجدير بالذكر أن غالبية العيادات التي زرناها لم يضع الأطباء فيها لائحة أجور الكشوف الصادرة عن وزارة الصحة؟! ‏

ماذا تقول نقابة الأطباء؟
توجهنا الى النقابة لمعرفة دورها في ضبط مايحصل والتقينا د. أحمد قاسم نقيب الأطباء وطرحنا عليه ماورد في لقاءات المرضى فرد قائلاً:
ان جميع أجور الأعمال الطبية مقوننة وفق قرار وزارة الصحة وموضوعة بشكل دقيق يشمل جميع الاختصاصات الطبية حيث يحدد الحد الأعلى لتعرفة أجور الكشوف الطبية في العيادات الخاصة كمايلي: ‏

تبلغ أجرة الكشف الطبي للممارس العام في العيادة (200) ل.س وتصل الى (300) ل.س عندما تتجاوز ممارسته لمهنته عشر سنوات.
كما تبلغ أجرة الكشف الطبي للاختصاصي في العيادة (350) ل.س وتصل الى (500) ل.س عندما تتجاوز ممارسته لمهنته عشر سنوات. ‏
وتبلغ أجرة الاستشارة الطبية المرافقة والمتضمنة دراسة ملف لكتابة تقرير عن الوضع الصحي (1000) ل.س. ‏
وتضاعف أجور الكشف الطبي في المنزل اذا كانت ضمن حدود المدينة واذا تجاوزت ذلك، فتحدد حسب الاتفاق بين الطرفين. ‏
ويحق للمريض مراجعة الطبيب مجاناً خلال الأسبوع الأول من تاريخ اجراء الكشف الطبي ولمرة واحدة فقط. ‏

ويوضح د. قاسم: إن هذه التعرفة بحديها الأعلى والأدنى يجب أن تحترم وكل من يخرقها يعرض نفسه للمساءلة من جهة النقابة وهناك آلية للتعامل مع ذلك، فإذا وردتنا أي شكوى نحولها الى فرع النقابة الموجود في المحافظة التابع لها حيث يستمع الى الشكوى ويقوم باستدعاء الطبيب المخالف وتتم معالجتها واذا لم يستجب الطبيب يتخذ الفرع قراراً ملزماً بذلك أو يمكن أن يبت فيها القضاء المختص واذا تكررت المخالفة فيمكن لفرع النقابة أن يشدد العقوبة بإحالته الى مجلس التأديب واغلاق العيادة لمدة محددة. ‏

ولدى سؤالنا د. قاسم عن عدد المخالفات التي أحيلت الى مجلس التأديب أجاب قائلاً: ‏
لم يحصل هذا الأمر حتى الآن لأنه لم تصلنا أي شكوى تتعلق بزيادة أجور المعاينات ونحن نتمنى من المرضى أن يقدموا شكاوى مباشرة بذلك، حتى تتم معالجتها وأنا أسمع من الناس ومن أصدقائي عن مغالاة الأطباء برفع الأجور ولكن ليس لدينا أي وثيقة تؤكد ذلك. ‏
ويعزو د. قاسم أسباب عدم تقديم المرضى شكاوى للنقابة الى جهلهم بهذا الموضوع وعدم معرفتهم أن هناك جهات تعالج هذا الأمر. ‏

مخالفات ايجابية.. ‏
ويشير أيضاً: إن هناك مخالفات أخرى تشمل النزول تحت الحد الأدنى وهي أيضاً تستدعي المعالجة كأن يعالج الطبيب الاختصاصي بـ (200) ل.س بدلاً من (350) ل.س وهذا مخالف لقانون النقابة، فهو ينطوي على نوع من المنافسة غير الشريفة الهادفة الى زيادة عدد المرضى المراجعين والمضاربة على غيرهم من الأطباء. ‏

وهناك أيضاً جهات أخرى مثل الجمعيات الخيرية أو مراكز طبية تتقاضى دون الحد الأدنى للاستحواذ على المرضى، ما يقلل عدد المراجعين للأطباء في عياداتهم وهذا فيه هدر لحقوق الأطباء الممارسين والعاديين، فنحن لانمانع بأن تقوم الجمعيات الخيرية وغيرها من المؤسسات بتقديم خدمات الطبابة ولكن بالحد الأدنى وليس النزول عنه. ‏

ماهو رأي وزارة الصحة؟ ‏
عن هذا الموضوع التقينا د.جميل عويد معاون وزير الصحة فحدثنا قائلاً: ‏
هناك قرارات وأنظمة وقوانين لدينا في الوزارة يجب أن يتقيد بها جميع الأطباء في عياداتهم، خاصة فيما يتعلق بتعرفة الأجور الطبية فلا يجوز تجاوز الحد الأعلى من الكشف الطبي في العيادات الخاصة. ‏

وتشكل وزارة الصحة والنقابة معاً فريقاً واحداً فكل شكوى نتلقاها يدقق بها ويتم التحقق منها وكل مخالفة تستوجب المسؤولية وتعويض المريض بالفرق أي إعادة المبلغ الزائد عن الحد الأعلى. ‏
ويضيف: نحن نعلم أن هناك من يتجاوز الحد الأعلى للكشف الطبي ولاننكر ذلك ولكن لم تأتنا أي شكوى بهذا الخصوص، فهناك الكثير من المرضى يدفعون ولايشتكون!
وللأسف الشديد هؤلاء الأطباء الذين يأخذون أكثر من الحد الأعلى يبررون ذلك بـ : أجرينا للمريض تخطيط أو ايكو سواء كان يحتاج ذلك أم لا، لذا فإن هذا الموضوع يعود لضمير ووجدان الطبيب وأنا كطبيب لاأدافع عنهم فهم يسيئون لمهنتنا. ‏

مخالفة مسلكية.. ‏
وبدوره أيضاً الأستاذ سامر تنبكجي مدير الشؤون القانونية في وزارة الصحة اعتبر أن مسألة ضبط التعرفة لايتم إلا بالشكوى، لأن علاقة المريض بالطبيب لاتظهر للوزارة، فلا يمكن الكشف عن المخالفة إلا إذا اشتكى المريض بحد ذاته فالادعاء هو البينة. ‏

وهناك مكتب مخصص للشكاوى في الوزارة وكل شكوى يكون لها رقم وتاريخ، فإذا لم تستجب الوزارة أو النقابة يمكن إحالتها إلى جهات أخرى كالهيئة المركزية للرقابة والتفتيش. ‏
وبالنسبة لمسألة تجاوز الحد الأعلى للتعرفة، إن ذلك يعتبر مخالفة مسلكية لأنها تتضمن التقيد بالتعرفة المحددة وهذه من آداب المهنة ونظامها، فإذا ثبتت مخالفة الطبيب يطلب منه إعادة المبلغ الزائد عن الحد الأعلى للمريض ويتم إنذاره وإذا لم يستجب يحال الى مجلس التأديب في النقابة. ‏

ويبين تنبكجي: أن هناك حوالي (5000) عيادة في دمشق وحدها وهذا رقم كبير مقارنة مع عدد العاملين في لجان الرقابة الداخلية الذين لايتجاوزون الخمسين مراقباً وهؤلاء مكلفون بضبط مخالفات جميع العيادات والمشافي والصيدليات حيث يقومون بجولات ميدانية بين فترة وأخرى. ‏

ويشير أيضاً إلى أن هناك حالياً لجنة مشتركة بين نقابة الأطباء ووزارة الصحة لتعديل نظام المزاولة الطبية ووضع صياغة جديدة للتعرفة حتى تكون شاملة لجميع الأعمال الطبية الجديدة التي ظهرت في الفترة الأخيرة وستتم مضاعفة العقوبات والغرامات المالية لتكون رادعة لجميع المخالفات. ‏

وبدورنا نتساءل أخيراً: إذا غابت الرقابة... أين ذهب الضمير إذاً..؟! ‏

deste we xwesh be

عضو جديد المشاركات : 7 تاريخ التسجيل : 22/06/2010

إنسانية ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ هالكلمة صايرة كتير بتضحك بهالزمن اللي انعدمت فيها كل القيم اللي بتشعرنا بإنسانيتنا للأسف صفة الإنسانية بات لا يستحقها الانسان اكتر مهنة انسانية صارت مرتبطة بالمادة فما عتب على باقي المهن العادية
تحياتي

LA VANA DUXAZEN KU MELLET BEKUJEN
KU CE DEST WAN DERKEVE WE RAKENE 10 000 YE CE BUY KU MELLET BEMRE.......
GELEK SPAZ KEK TİTO

الطب بين الإنسانية والتجارة! Lol

شكرا الك

الاطباء صارين مسلخين مو اطباء .............