الأشخاص الذين تفرز أدمغتهم عدداً أكبر من أنسجة النوم المغزلية يحظون بفترات نوم عميق أطول وأمتع
الدماغ يلقي أحياناً حواجز لمنع وصول أي تشويش إلى قشرة المخ خلال فترات النوم الحساسة خلال طور تقوية الذكريات
خبراء النوم يستطيعون ملاحظة عمليات الإرسال والاستقبال التي تحدث من خلال إجراء اختبار رسم تموجات الدماغ الإلكترونية
الأرق أو قلة النوم أو سرعة الاستيقاظ من أكثر الأعراض التي تلازم الصائمين في شهر رمضان، فمنهم من يقوم للسحور ويعجز عن نيل باقي قسطه من ساعات النوم الصباحية قبل استقبال يوم عمل جديد، ومنهم من تمنعه كثرة المقاطعات من رنات الجوال أو ضجيج الأطفال في البيت من التمتع بقيلولة هانئة، ومنهم من يحرم الأرق أجفانه من الإطباق وجسده من السكون، فيعاني الليلة تلو الأخرى من اضطرابات في النوم يلجأ بعدها مضطراً إلى تناول حبوب النوم التي يكرهها بسبب أعراضها الجانبية.
في الضفة الأخرى، لم تخف إحدى الزوجات الأميركيات غبطتها لزوجها واستغرابها من قدرته على النوم بعمق وهناء وسط ضجيج الأبناء وصراخهم المتعالي الذي يشعر المرء بقرب تمزق غشاء طبلة أذنه، في حين أنها تعجز عن النوم عند صدور أقل جلبة أو صوت مثل منبهات السيارات ومنبهات الدخان، بل إن مجرد أنين الأطفال في منتصف الليل بسبب سقوط بطانية أحدهم عن السرير يكفي لإيقاظها. وبفضل دراسة جديدة نشرت مؤخراً في العدد الأخير من مجلة “كارنت بيولوجي”، صارت هذه السيدة تدرك أن السر في اختلافها عن زوجها هو أن دماغه ربما يفرز مواد تسمى أنسجة نوم مغزلية أكثر مما ينتجه دماغها.
أنسجة نوم مغزلية
فعندما يغط الشخص في نوم عميق، تحاول منطقة المخ تحت المهاد البصري، التي تتلقى الرسائل الاستشعارية مثل الأصوات، نقل ما يرد إليها من رسائل ومعلومات إلى قشرة المخ، حيث يتم تحليل الأصوات وترجمتها من خلال توزيع محتواها على ما يتناسب معها من وظائف أعضاء الجسد المختلفة. ويستطيع خبراء النوم ملاحظة عمليات الإرسال والاستقبال التي تحدث من خلال إجراء اختبار رسم تموجات الدماغ الإلكترونية.
ويعتقد العلماء رغم ذلك أن الدماغ يلقي أحياناً حواجز لمنع وصول أي تشويش إلى قشرة المخ خلال فترات النوم الحساسة خلال طور تقوية الذكريات. وهذه الحواجز هي عبارة عن أنسجة نوم مغزلية تبرز وتتمظهر على الشاشة في اختبار رسم تموجات الدماغ الإلكترونية. وتفيد إحدى النظريات التي قدمها باحثون من قسم طب النوم بكلية الصحة في جامعة هارفارد أن الأشخاص الذين تفرز أدمغتهم عدداً أكبر من أنسجة النوم المغزلية يحظون بفترات نوم عميق أطول وأمتع.
مختبر للنوم
ولاختبار صحة هذه الفرضية، قام أعضاء فريق البحث بإقناع 12 متطوعاً لقضاء ثلاث ليال في مختبر للنوم بمستشفى ماساشوسيتس العام في بوسطن. وتم خلال الليلة الأولى وصل هؤلاء المتطوعين بجهاز رسم تموجات الدماغ الإلكترونية لتسجيل معدل ما ينتجه دماغ كل واحد منهم من أنسجة نوم مغزلية خلال ليلة نوم هادئة. وفي الليلتين التاليتين، بذل الباحثون كل ما في وسعهم للتشويش على الأشخاص المتطوعين عبر إصدار أصوات مزعجة يتزايد صداها وضجيجها بشكل تدريجي مثل رنين الهاتف وأصوات محرك الطائرة عند إقلاعها.
أدوية تحفز الدماغ
فوجد الباحثون أن الأصوات المزعجة لم تنل من راحة نوم الأشخاص الذين تنتج أدمغتهم عدداً أكبر من أنسجة النوم المغزلية، إذ واصلوا نومهم العميق على الرغم من كل الأصوات المزعجة التي أطلقت بهدف إيقاظهم وقطع نومهم العميق”. وتوصل الباحثون بعد هذه التجربة إلى استنتاج مفاده أن الأشخاص الذين يعانون من قلة النوم العميق أو الذين يستيقظون لأقل حركة أو خشخشة يمكنهم الاستعانة بأدوية تحفز الدماغ على إنتاج أنسجة نوم مغزلية أكثر.