لم يسلم الفروج في الأسواق السورية من الاهتزازات التي أصابت الأسعار بقدوم شهر رمضان، ليتحول على يد بعض التجار إلى ما يشبه "البورصة"، مستغلين موجة الحر والأخبار المتواترة عن نفوق أعداد هائلة.
وبحسب ما نقلته إحدى الصحف الرسمية وصلت حالات النفوق إلى اكثر مليون طير نتيجة موجة الحر الشديدة ، ليصل سعر الكيلو في أسواق دمشق إلى أكثر من 175 ليرة رغم ان وزارة الاقتصاد حددت سعره الرسمي ب 120 ليرة سورية.
سيريانيوز تناولت قضية سعر الفروج مع الوقوف على حقيقة نفوق هذا الرقم الكبير من الطيور في المحافظات السورية، كما سلطت الضوء على إجراءات حماية أسعار هذه المادة التي تعتبر ملجأ للمواطن الذي استعاض بها عن اللحمة التي باتت مستحيلة الشراء بالنسبة للبعض.
ظلم لمربي الدواجن
اعتبر صاحب أحدى الشركات ومن أكبر مربي الدواجن في سورية، فايز داود بأن هناك ظلم لمربي الدواجن من خلال تركيز الجهات المعنية على مادة الفروج تاركين المواد الأخرى مثل اللحمة وغيرها، مما أدى لتعرض المربيين لخسائر كبيرة جراء تدخلها وقال لسيريانيوز "إنتاج سورية يكفي لضعفي حاجة البلد حيث نحتاج الى250 مليون كيلو ونحن لدينا 500 مليون، لغاية اليوم كيلو الفروج أرخص بلد في العالم .. واللحمة في أغلى أسعارها، لماذا لا يوجهون اهتمامهم لها قليلا ويراقبون أسعارها، بينما نرى كل الجهود موجهة فقط باتجاه الفروج وأسعاره ومراقبته، وبعد كل هذه المراقبة لا نجد عدلا أو حلولا ترضى كافة الأطراف، الآن كل الأطراف المعنية تدخلت لتسعير الفروج ب 120 ليرة وعدم السماح بتخطي هذا السعر، والسؤال هو عندما يصبح سعر الفرج 80 و 90 ليرة من سيتدخل لحمايتنا؟ ، لماذا لا تتدخل هذه الجهات في هذه الحالة؟".
الحر بعد تحديد السعر
وفيما يتعلق بعدم التزام المربيين بالسعر الذي تم تحديده من وزارة الاقتصاد بحضور ممثلي مربي الدواجن أوضح داود" انعقد الاجتماع وتم تحديد سعر كيلو الفروج ب 120 ليرة وهو سعر منطقي وأنا موافق عليه لكن عندما يصبح بثمانين ليرة ما هو نوع التدخل الذي سيكون؟، في الوقت الذي انعقد به الاجتماع كان السعر المحدد مناسب جدا، ولكن لا يمكننا التوقع بنتائج الطقس على هذه الدواجن، حيث بعد الاجتماع تعرضنا لموجة حر قوية ولنفوق الطيور، مما سيؤدي حتما لارتفاع السعر".
لا رابطة لمربي الدواجن
وعن سبب هذا التخبط في ضبط الأسواق قال داود" ينتج التخبط في ظل غياب التنظيم حيث أصدر رئيس الوزراء العام الماضي قرار بإنشاء رابطة لمربي الدواجن تابعة لمنظمة اتحاد غرف الزراعة ، وبالفعل اجتمعنا ووضعنا النظام الداخلي لهذه الرابطة، ولكن للأسف لغاية الآن لم يصدر وزير الزراعة قرارا بإنشاء هذه الرابطة"مشيرا الى اهمية "وجود رابطة لمربي الدواجن تعطي حلولا واسعة لأمور كثير مستعصية فيما يتعلق بقطاع الدواجن في سورية، بالإضافة لإمكانية الإحصاء التي ستتوفر بوجود هذه الرابطة، حيث لا توجد إحصائيات دقيقة حتى الآن في مجال الدواجن".
قلة الإنتاج ونفوق الطيور
وفيما يتعلق بالغلاء الذي شهده السوق السوري على مادة الفروج وخلافا لما قاله صاحب اكبر شركة للدواجن عن توفر الفروج قال داود"الغلاء من قلة الإنتاج وقلة الإنتاج سببه النفوق الزائد جراء الحرارة المرتفعة في المزارع السورية للدواجن الغير مجهزة بالتبريد لأنها تحتاج لتكاليف عالية جدا، ولا توجد في سورية مزارع على المستوى الكبير أي على مستوى المليون طير مثلا، لذلك بالمجمل هي ذات إمكانيات ضعيفة".
ويختم"بكل الأحوال الأسعار الآن عادت لوضعها الطبيعي، رغم ضعف الإقبال على الفروج وفي رمضان، حيث اكبر نسبة استهلاك نعتم عليها هي الشاورما والوجبات السريعة من الفروج "البروستيد" و"المسحب" مثلا، وكل هذه المحلات تغلق في رمضان، لذلك نواجه قلة إقبال على الفروج".
المربون يبيعون بسعر أغلى
من جهته انتقد (أبو علاء ) صاحب محل فروج الوضع الذي يشهده السوق من إشاعات واهتزاز بالأسعار حيث المتضررين الأساسيين جراء هذه الاهتزازات هما أصحاب محلات الفروج والمواطنين وقال" تم تحديد سعر الفروج ب 120 ليرة سوري للكيلو وبالفعل التزمنا بهذا السعر، لنفاجئ باليوم التالي بارتفاعه وذلك بعد أن حاولت شراءها من أحد مربي الدواجن، لنجد أنفسنا ضمن دائرة مغلقة، فذلك السعر جبرنا على بيع الفروج بسعر مرتفع، ذلك ما عرضنا لدفع مخالفات كبيرة من التموين".
ويتابع" ما الذي نستطيع أن نفعله؟ الدولة تحدد السعر و مربي الدواجن يبيعونا بسعر أغلى ونحن من تحرر المخالفات بحقنا في النهاية، الأجدر أن يتم ضبط الأسعار من المصدر، لأننا لا حول لنا ولا قوة في السوق، ومن صالحنا أن نبيع المواطن بسعر أقل لأن ذلك سيزيد معدل مبيعاتنا وأرباحنا نظرا للحالة المادية للمواطنين".
مداجن القطاع العام لم تتأثر
معاون مدير المؤسسة العامة للدواجن المهندس مهيدي الحمود يرى بأن القطاع الحكومي لم يتأثر كثيرا وذلك بسبب الجهوزية الكبيرة، كما أوضح بأنهم كقطاع عام لا يملكون أية معلومات عن تأثر القطاع الخاص لعدم تدخلهم بعملهم وقال"بداية نحن لا نتدخل في القطاع الخاص فيما يتعلق بالدواجن، حيث أننا نهتم فقط بقطعان الدولة بعيدا عن القطعان الخاصة، لذلك لا نعلم طبيعة الخسائر التي واجهها القطاع الخاص من نفوق الطيور نتيجة الحرارة المرتفعة، ولكنانا سمعنا ببعض الأرقام الكبيرة ولا نعرف حقيقتها".
وتابع"تتبع للمؤسسة العامة للدواجن 11 منشأة موزعة في أنحاء القطر تختص بإنتاج بيض المائدة والفروج وصيصان الفروج والصيصان البياضة، ولا يشكل إنتاجنا بالنسبة لبيض المائدة حوالي 10 % من إنتاج القطر و 4% من إنتاج الفروج و من 10 – 12% من صيصان الفروج و15% من الصيصان البياضة".
بالنسبة لخسائر المؤسسة العامة للدواجن نتيجة موجة الحر الشديدة في سورية قال" تأثرت قطعان المؤسسة كباقي القطعان في القطر بهذه الموجة إلا أن التأثر كان أقل بكثير من غيره ، وذلك نتيجة الجهوزية الأفضل لحظائر المؤسسة من خلال تواجد الفنيين على مدار الساعة، حيث يتكون الفنيون من كوادر مختصة على مستوى عالي، وسيجري تقييم شامل عن حالة التأثر هذه مع انتهاء موجة الحر المتكررة للتمكن من إحصاء الخسائر".
وحول أزمة الفروج في بعض المحافظات أوضح الحمود"وبالنسبة لأزمة الفروج فالمؤسسة لديها عقود سنوية مع جهات القطاع العام، التي تزودها المؤسسة بالفروج، وبعد تلبية حاجتهم كاملة، تطرح المؤسسة الكميات الفائضة في حالتها الموجودة ضمن كل منشأة من المنشآت الحكومية، وهذا يعتبر تدخل ايجابي في السوق".
القصة أخذت أكثر من حجمها
وللوقوف على حقيقة أزمة نفوق الطيور في سورية كما تناولته بعض الصحف التي قالت بأن أكثر من مليون طير نفقوا نتيجة الحر التقت سيريانيوز مدير الصحة الحيوانية في وزارة الزراعة الدكتور زياد نمور وقال "الكلام الذي دار مؤخرا حول مئات الآلاف من الطيور النافقة في سورية هو كلام أكبر من حجمه بكثير وبلبلة لا مبرر لها، لأن الوضع الصحي مستقر ولا يوجد خطورة أبدا والأمر لا يتعدى سوء اهتمام داخل بعض مزارع الدواجن في محافظة ادلب التي قيل أنها تعاني من نفوق آلاف من الطيور".
وحول مطلقي هذه الإشاعات وسبب انتشارها أوضح د.نمور"لا أعلم مصدر هذه الإشاعات، كما لا أعلم الغرض من نشرها، وهناك احتمال احتساب الخسائر على مدار السنة بكاملها وليس ضمن الأيام التي مضت".
وعن الوضع الحالي لقطاع الدواجن في سورية وتأثير الحرارة المرتفعة عليها قال"كمدير صحة أعلم أنه لا توجد مشكلة في قطاع الدواجن في سورية وأن الوضع الصحي جيد جدا، وموجات الحر ممكن أنها أثرت على بعض المداحن ولكن لا تزيد نسبة النفوق عن 2 % عن معدلها الطبيعي، وهذا ناتج عن خلل في بعض المزارع".
وختم نمور "بالنسبة لمديرية الصحة الحيوانية وجهنا كافة أفرعنا في المحافظات وكشفنا على أرض الواقع وخلصنا إلى عدم وجود أزمة في نفوق الطيور، كما يوجد لدينا 140 طبيب بيطري موزعين في كافة المحافظات السورية، والوضع تحت السيطرة، وبعيد كل البعد عن أية خطورة في قطاع الدواجن".
إغلاق 13 مسلخ و29 محل فروج
خبر نفوق آلاف الطيور نتيجة الحر وقدوم شهر رمضان المبارك كان لابد أن ينتج عنه زلزال يضرب الأسواق فيما يتعلق بأسعار الفروج، ليصل سعره لأكثر من 150 ليرة وذلك رغم تحديد سعره عبر اجتماع عقد الأسبوع الماضي في وزارة الاقتصاد بـ 120 ليرة، ولمتابعة وضع هذه الأسعار حاولت سيريانيوز معرفة الإجراءات من مدير التجارة الداخلية في محافظة ريف دمشق يوسف سرور وقال" بالفعل ارتفع سعر كيلو الفروج ليصل لأرقام فوق السعر المحدد مسبقا، ولا يوجد مبرر لرفع هذه الأسعار، حيث كل ما قيل عن نفوق الطيور التي أثرت على الأسعار، هذه إشاعات كاذبة ، فمن الطبيعي أن يوضع المجرم مبرراته لارتكابه جريمته، و السبب الأساسي لارتفاعها هو الجشع واستغلال المواطنين من قبل بعض التجار ليس أكثر".
وتابع" بالرغم من اتفاقنا مع كافة مربي الدواجن على سعر ال 120 ليرة للكيلو غرام الواحد، لنفاجئ بعد ذلك بأسعار أخرى، ما دفعنا لتشكيل دوريات سرية إضافية عن طريق سؤال المحلات عن الأسعار، والتشديد على وضع قوائم التسعير في مكان واضح من المحل ، ونتج عن ذلك إغلاق 13 مسلخ و 29 محل فروج تباعا، حيث سينظم بحقهم ضبوط ليحالوا بعدها إلى القضاء ".
خلال يومين ستعود الأسعار كما كانت
وعن توجيهات محافظ ريف دمشق فيما يتعلق بضبط الأسعار في الأسواق أوضح مدير التجارة الداخلية" كان هناك تشديدا كبيرا على الأسواق بخصوص الأسعار وعمليات الغش حيث كانت جهوزيتنا مرتفعة لأعلى مستوياتها، ليزداد هذا التشديد بعد توجيهات المحافظ لمحاسبة من تخول له نفسه التلاعب بالأسعار بدلا من أن يتصف بصفات كريمة خاصة خلال هذا الشهر الكريم".
وحول نتيجة جهودهم في ضبط الأسواق ختم سرور" خلال يومين في أبعد تقدير ستعود الأسعار كما كانت عليه وكما تم تحديدها، والآن لاحظنا بدء عودة السوق لوضعه الطبيعي، وذلك بعد التشديد الذي فرضناه على كافة المعنيين ببيع وإنتاج كافة السلع ومادة الفروج بشكل خاص".