أطل علينا رمضان في هذا العام في فصل الصيف، حيث ابتدأ في الثاني والعشرين من آب 2009 وتنقضي أيامه قبل قدوم فصل الخريف بثلاثة أيام.
ومع مغادرة شهر رمضان الخريف تبدأ دورة رمضان الصيفية، وسيشهد شهر رمضان الدخول بموسم الصيف الفعلي الحار، وسيستمر على هذه الحالة إلى مدة إحدى عشرة سنة تقريباً ويرجع ذلك إلى أن الشهور الهجرية تدور على فصول السنة الشمسية في كل 33سنة قمرية في حركة تراجعية إذ إن السنة الهجرية أقصر من السنة الميلادية التي تعتمد على دورة الأرض حول الشمس بأحد عشر يوماً حيث تتكون السنة القمرية من 354يوماً تقريباً والسنة الميلادية 365 يوماً.
وهذا الفرق يؤدي أحياناً إلى أن يحتضن العام الميلادي ثلاث سنوات هجرية كما حصل في هذه السنة الميلادية الماضية 2008م فقد احتوت على ثلاث سنوات هجرية وهي سنة 1428هـ وسنة 1429هـ وسنة 1430هـ، وبالحساب يتبين أن كل 32سنة شمسية تساوي 33سنة قمرية ولذلك فإن هذا الوضع يتكرر ثلاث مرات كل 100سنة.
وانتقال رمضان إلى أشهر الصيف سيكون الصيام في أشد أيام السنة حرارة وسيبقى على هذه الحال حتى العام الهجري 1440.
وبعد هذا التاريخ يبدأ رمضان دورته الربيعية مستكملاً طوافه على مختلف فصول السنة الحارة والباردة والمعتدلة وسيعود إلى دورته الصيفية في عام 1462هـ.
وكانت الدورة الرمضانية الحارة السابقة للدورة الحالية بدأت في عام 1395هـ عندما بدأ شهر رمضان في السابع من أيلول 1975م وكانت سنة 1400هـ هي الأشد حرارة.
ويلاحظ أنه لا يوجد أي ارتباط بين التقويم القمري والتقويم الشمسي لأن كلاً منهما مرتبط بحركة ودورة تختلف عن الأخر إلا أن الفصول الأربعة تأتي ثابتة بالتقويم الميلادي الأمر الذي جعل هذا التقويم أساساً لمعرفة الفصول الناتجة عن الدورة الطبيعية للأرض حول الشمس وأما التقويم الهجري فأساسه دورة القمر الطبيعية حول الأرض.
وبالعودة إلى صيام الأوائل لشهر رمضان نذكر أن صوم رمضان فرض في شهر شعبان من السنة الثانية للهجرة النبوية الشريفة، ووافق قدوم رمضان السادس والعشرين من شهر شباط من العام الميلادي 624، وقدم آخر رمضان في العصر النبوي في العشرين من تشرين الثاني 632 ميلادي.
والشيء بالشيء يذكر نشير إلى أن معنى رمضان في أصل اللغة شدة الحر، وقد سمي رمضان بهذا الاسم قبل البعثة النبوية لمجيئه عند تسميته في فصل الحر، وهكذا يستدير الزمان ليعود إلى وقت التسمية، لأنهم لما نقلوا اسم الشهور عن اللغة القديمة سمُّوها بالأزمنة، فوافق رمضان أيام رَمَضِ الحر.
وقد جاء في المعجم الوسيط: رمضان هو الشهر التاسع من السنة الهجرية ويجمع على رمضانات ورماضين، وقيل الرمض هو المطر، يأتي قبل الخريف فيجد الأرض حارة محترقة.
وكان رمضان يسمى قديماً ناتق أو نامق ولما غير الاسم وافق زمن الحر والرمض، والرمضاء هي شدة الحر، ويقال: رمضت الحجارة إذا سخنت بتأثير أشعة الشمس.
ثم جاء علماء البيان اللغوي فرأوا أن لكل حرف من حروف رمضان معنى، فقالوا: الراء والميم والضاد أصل مطرد يدل على حدة في شيء من حرّ وغيره، فالرمض حر الحجارةِ من شدة حر الشمس، ومادة الراء والميم والضاد كلها تدل على الحرارة والقيظورمض الإنسان يعني: حرقه العطش، والرمضاء الرمل الحارة ومن أقوال الشعراء الذين ذهبت أقوالهم مثلا: كالمستغيث من الرمضاء بالنار.