خلف الجبال المطلة على سهل الروج غرباً، وأمام "جبل الأربعين" شمالاً، ووسط بحر من الخضرة التي تصنعها أشجار الزيتون والتين والمحلب والكرز تقع قرية "نحليا" عقدة المواصلات بين القرى الشمالية لمنطقة "أريحا".
وكان لموقع eIdleb وقفة عند تاريخ القرية القديمة بصروحها والتقى السيد "عمر الأحمد" رئيس بلدية القرية الذي حدثنا عن موقع القرية وأوابدها فقال: «تقع "نحليا" إلى الشمال من "أريحا" بنحو /3/ كيلو مترات وإلى الجنوب الغربي من مدينة إدلب بحوالي /9/ كيلو مترات على مفترق طرق يربط بين القرى المحيطة، ومنذ العصور القديمة كانت مركزاً بشرياً هاماً يتميز بمدافنه ومواقعه الأثرية الهامة ومنها "العمود" أو القبر والمقام والمغارات والمسجد القديم وصهريج المياه الذي يعود إلى العهد الروماني، وأصل التسمية "نحليا" يعود إلى الآرامية وتعني الوادي لموقعها بين عدة جبال وهضاب تحيط بها».
صهريج المياه الأثري الذي يعد أهم معالم القرية تحدث عنه المهندس "محمد ديب غندورة" أحد أبناء القرية قائلاً: «يتوسط صهريج المياه القرية ويعود إلى العصر الروماني كما يشير بناؤه وقناطره ومساحته الكبيرة التي تبلغ /2800/ متر مربع إذ يرتفع متراً واحداً عن مستوى الأرض وإلى الأسفل يصل عمقه إلى سبعة أمتار، وهو مبني من الحجارة التي تتخللها قناطر كبيرة ودرج صخري يصل إلى أرضه المفروشة باللوحات الفسيفسائية والتي لم يكشف عنها حتى الآن، في الزاوية الشرقية تقع المغارة التي تعتبر قناة تصريف للمياه الزائدة في حال ارتفاع منسوب المياه، وفي الماضي كانت المياه تصل إليه من البيدر الذي يقع مكان المدرسة في ساحة القرية ويشرب منه جميع السكان في الصيف
والشتاء وتسقى منه المواشي ويشير إلى ذلك وجود الأجران التي بقي بعضها إلى جانبه، وفي أواخر فصل الصيف عندما تجف المياه كان الصهريج مكاناً لتجمع رجال القرية لما يتمتع به من برودة هاربين من حر الصيف».
أما عن جامع القرية فيتحدث الباحث "فايز قوصرة" بالقول: «جامع "نحليا" من الجوامع القديمة، ولو نظرنا إليه نظرة فاحصة لوجدنا أنه وعلى الأرجح كان كنيسة بيزنطية في القديم، إذ فيه بقايا من الأحجار البيزنطية وقواعد الأعمدة الرومانية الملاصقة له، ويوجد في منطقة من الجامع حجر صغير عليه كتابة تربيعية مملوكية وزخرفة إسلامية منقوشة على حجر آخر، وهذه التشابكات في البناء تدل على أنه جدد أكثر من مرة، ويمكن القول إنه كنيسة وتحول إلى مسجد في وقت مبكر من العهد الإسلامي ثم جدد في العهد المملوكي، كما هو مكتوب على حجر في مدخله الشمالي فيما يقارب السطرين: "أوقف العبد الفقير إلى الله تعالى الراجي عفو ربه هذا المكان المبارك الحاج "علي بن الحاج أحمد الإمام" رحمه الله تعالى ورحم من ترحم عليه وعلى جميع المسلمين في تاريخ ست وسبعمئة للهجرة"، وله مدخل آخر من الجهة الشرقية وفي أعلاه قوس تحته لوحة نقر عليها كتابة عربية غير منقطة بأربعة أسطر تمكنا من قراءة ما يلي: "لما كان بتاريخ العشر الآخر من شهر شعبان سنة سبعة وسبعين وثمانمئة، أبطل "الزيني
عمر"، ثم "الشرفي" ثم "الناصري" أولاد "المقر المرحوم الناصري" مولانا من "نحلين" خدمة العنا ودراهم الخمس والتبن والتين وورق اللوز وطرح المغل وقدر لكل مكوك قمح و"شنفيلا" سما كل في الحل والعسل على خلايا وما بدله بعد ما سمعه"». و"الشنفيل" هي وحدة قياس وزن في العهد العثماني باسم "الشنبل".
وعن نشاط القرية البشري والاقتصادي تحدث "عمر الأحمد" رئيس البلدية فقال: «أحدثت بلدية القرية عام /1996/ وبدأت عملها عام /1998/ وتبلغ مساحة المخطط التنظيمي للقرية /94/ هكتارا، عدد سكان القرية /4776/ نسمة يعتمد معظمهم على الزراعة كمورد رئيسي للدخل وتتمتع القرية بالأرض الخصبة والموقع المنخفض الذي يجعلها ملائمةً لمختلف الزراعات يأتي في مقدمتها الزيتون ويمثل المحصول الرئيسي ثم التين والكرز والمحلب واللوزيات».
وعن خدمات القرية أضاف "الأحمد": «جميع خدمات القرية متوافرة من الماء والكهرباء والهاتف والصرف الصحي وبنسبة /100%/، فيما تفتقر القرية لوجود مركز صحي يخدم أبناء القرية حيث تم استملاك الأرض للبناء وننتظر البدء به منذ عام /2006/، ولدينا خطة استملاك جديدة للخطة الخمسية الثانية منها الملعب وفتح شوارع تنظيمية داخل القرية بشكل أكبر لتسهيل الحركة السكانية».
ارتباط القرية بمحيطها يتم عبر طرقات تصلها بجميع الجهات تحدث عنها الأستاذ "أحمد السماعيل" أحد أبناء القرية فقال: «في القرية عشرة شوارع تنظيمية رئيسية إضافةً لوجود شوارع تربط القرية بالقرى والمدن المحيطة منها "كفرنجد"، "البدرية"،
"المسطومة"، "فيلون" ومنها إلى "إدلب"، "أريحا" ومنها إلى "جسر الشغور" و"حلب"، "كورين" ومنها إلى "الأسدية" و"برج هاب" و"عين شيب" و"الظاهرية"، وطريق "أرض العمود" الذي يصل القرية بمنتصف الطريق بين "أريحا" و"إدلب" وهو يختصر مسافة تزيد على عشرة كيلو مترات بين القرية ومدينة "إدلب"».
ويتميز أهالي "نحليا" بالتعاون والتكافل فيما بينهم، فتم شق عدة طرق بالعمل الشعبي، ويتم بناء مسجد آخر في القرية بواسطة العمل الشعبي، كما تم شراء أرضه عبر التبرعات بين الأهالي.