لابد للمسافرين شرقاً وغرباً من اللاذقية إلى "حلب" والمحافظات الشرقية من المرور بهذه الساحة التي تمثل نقطة الربط بين أجزاء مدينة "جسر الشغور" ومركز نشاطها، وكما كانت محطةً لاستراحة الشهيد "عز الدين القسام" في رحلته إلى فلسطين، فهي ما تزال محطةً هامة لاجتماع القوافل السياحية والتجارية ومحطةً لتجمع أهالي المدينة وموقفاً للمسافرين.
ولتسميتها "الصومعة" وجهات نظر مختلفة فمنها ما يذهب إلى المعنى الديني للكلمة كما يقول الأستاذ "محمد جمعة حجازي" مدير المركز الثقافي في جسر الشغور: «إن لفظ الصومعة يدل على مكان العبادة، وانطلاقاً من عدة أسباب نرجح هذا الاتجاه، فإلى جوار الساحة يوجد مسجد تقام فيه الشعائر الدينية وهي قريبة إلى الحارات المسيحية في المدينة، وإذا كانت التسمية قديمة إلى حد بعيد فإن "جسر الشغور" كانت في الماضي مركزاً هاماً لعبور القوافل من "أنطاكية" باتجاه "أفاميا"، وفيها تلال هامة ذكرت في كتب التاريخ منها "تل كشفهان" الذي وقف به "صلاح الدين الأيوبي" في طريقه إلى تحرير المدن الساحلية من الصليبيين متجهاً منه إلى "قلعة صلاح الدين" المعروفة باسمه».
ويذهب البعض إلى جانب الحديث المادي للكلمة، وبذلك يقول السيد "سعد الله نجاري"
أحد أبناء المدينة: «الصومعة هي مكان لتجميع الحبوب وسميت الساحة بهذا الاسم لأنها كانت في أيام الإقطاع والاحتلال الفرنسي مكاناً يجمع فيه المزارعون نتاج حقولهم ويقدمونها بديلاً من حاجياتهم ووفاءً لديونهم المستحقة، حتى في أيام الاحتلال الفرنسي عندما يلجأ الفرنسيون إلى تجويع الأهالي يأتون بكل ما لديهم من قمح ودقيق ويأخذونه إلى مقراتهم، ويروي الآباء هذه القصص التي ترجح أصل التسمية».
و"ساحة الصومعة" هي من أهم المراكز البشرية والمرورية، ويتحدث عن ذلك الأستاذ "نعسان عاصي" أحد أبناء المدينة فيقول: «في أيام الأعياد تكون الساحة مركز تجمع أهالي المدينة الذين يأتون من حي "المسيحية" وحي "القلعة" وحي "السوق" ومن القرى القريبة يجتمعون فيها ليتبادلوا المباركة بالأعياد الإسلامية والمسيحية، وفيها تنصب ألعاب الأطفال ويأتي الباعة الجوالون ليبيعوا ألعاب الأطفال، أما في الليل
فتحل كموقفٍ لسيارات الأجرة المغادرة إلى مدينة "اللاذقية" والقرى القريبة من المدينة بدل الموقف الرسمي بالقرب من طرف المدينة».
وتعتبر ساحة "الصومعة" بموقعها مركز القلب لمدينة "جسر الشغور"، فهي ملتقى لعدة طرق وهو ما قاله الأستاذ "هشام المصري" رئيس المجلس البلدي: «الساحة بموقعها هي حلقة الوصل بين الريف والمدينة كما هي صلة الوصل بين المحافظات الشرقية و"حلب" بمحافظة "اللاذقية" فمنها يمكن للزائر الاتجاه شمالاً إلى حمامات "الشيخ عيسى" و"دركوش" و"حارم" والقرى الأثرية الشمالية وصولاً إلى الحدود التركية، ومنها يمر الطريق الرئيسي السياحي بين "حلب" و"اللاذقية"، لذلك إذا أحصيت أعداد المارة بها لبلغوا ربع سكان سورية رغم أنهم لا يعرفون اسم هذه الساحة، كما أنها الطريق الرئيسي المؤدي إلى معالم "جسر الشغور" الأثرية العثمانية التي بنيت في أيام "محمد باشا الكوبرلي"
وولده "أحمد" ومنها الحمام الأثري، والخان الكبير، والسوق المسقوف، وحي القلعة».
يشار إلى أن المجلس البلدي بالمدينة أقام برجاً تعلوه ساعة لتزيين الساحة في وسطها، وجعل من البرج منصفاً للمرور بسبب كثافة الحركة المرورية في هذا المكان وتعدد الاتجاهات التي تسير بها الطرقات في الجهات الأربع.