"جرين" أرض الصخر... تنتج القمح وتقدس العلم

تعتبر من أهم قرى الجبل التي تمتلك أكبر نسبة للتعليم العالي، وهي تفخر بذلك وتعتبره وساماً لا حدود لقيمته، فالاستثمار في العلم كالاستثمار في الأرض، فأينما حفرت فيه تجد كنزاً يوصلك إلى أعلى المراتب.




وقرية "جرين" التي تبعد مسافة ثلاثين كيلو متراً إلى الغرب من مدينة "السويداء" تعتبر واحدة من القرى المجاورة لأرض "اللجاة" التي تتميز ببحر من الحجارة الزرقاء، والبيوت المشتبكة بالشجر الكثيف.

يقول الأستاذ "غازي أبو حسون" مدير مدرسة الحلقة الأولى والثانية، وعضو مجلس المحافظة لموقع eSuweda عن أصل تسمية القرية وسكانها، وحدودها مع القرى المجاورة: «يعود أساس التسمية إلى مصطلح محلي هو (جرن) أي درس القمح من أجل فصل الحبوب عن السنابل، وهي مكان مرتفع عن سطح البحر، وذات طبيعة وعرة وصخرية فيها أراض خصبة تصلح لزراعة الحبوب بكافة أشكالها، وكان أن سكنها آل "مسعود" أثناء الهجرات الأولى التي قام بها عدد من المواطنين من لبنان باتجاه الجبل أثناء المظالم التي لحقت بهم من قبل الاستعمار العثماني، وكان آل "أبو حسون" يسكنون في قرية "بوسان" الواقعة إلى الجنوب الشرقي من مدينة "السويداء"، وقسم آخر من العائلة سكن قرية "أم الزيتون" الواقعة إلى الشمال من مدينة "شهبا"، فاجتمعوا في قرية "أم الزيتون" وقرروا شراء هذه القرية التي دفعوا ثمنها خمسون ألف ليرة ذهب، عن طريق جدنا "سعيد أبو حسون"، وهو أساس العائلة، وله أربعة أبناء هم "حسون" و"فندي" و"سيف الدين" و"عبد الله"، ولقبه "أبو حسون" فكنيت العائلة على هذا اللقب، حيث تتبع إدارياً لبلدية "لبين" التي تحدها من الجنوب،




وقرية "داما" من الشمال، وأراضي "عريقة" من الشرق، ومحافظة "درعا" من الغرب، ويبلغ عدد سكانها ما يقارب الألف نسمة».

خاض أهالي "جرين" الحروب ضد المستعمرين كغيرهم من أبناء سورية، ووقفوا دفاعاً عن وجودهم في أرضهم، كما يؤكد الأستاذ "بهجت أبو حسون" أمين الفرقة الحزبية في القرية: «إن بداية المعارك التي اشترك فيها أهالي القرية كانت في محافظة "القنيطرة" ضد العثمانيين، وعندما دخل الفرنسيون أرض الوطن، وحاولوا احتلال "الجبل" قام عدد من أبناء القرية بالجهاد ضدهم، وخاصة في معركة "المزرعة" الشهيرة، واستمر الجهاد ضد الغزاة حتى في فلسطين عندما اشترك عدد من شبان القرية في جيش التحرير».

تعتبر زراعة الأرض عملاً مقدساً من الأعمال التي يقوم بها سكان القرية، على الرغم من سنوات الجفاف المتعاقبة التي ضربت المنطقة خلال نهاية القرن الماضي، وبداية الألفية الجديدة، وقد دخلت زراعة الأشجار المثمرة إلى القرية، وقام أهل القرية بتمديد شبكات التقطير لإنتاج الثمار، يقول الأستاذ المتقاعد "جادو أبو حسون" عن أهم الزراعات في القرية: «تعتبر أراضي القرية وعرة بشكل عام، حيث قمنا باستصلاح جزء غني منها على الرغم من وجود صخور وحفر كبيرة، ولو توفرت المياه بشكل مستمر لأنتجت هذه الأرض الكثير من الغلال، وبشكل عام تتم زراعة القمح على مساحة 400 دونم، والشعير على مساحة 450 دونم والباقي يزرع بالبقوليات




كالعدس والبيقة والجلبانة والكرسنة، وتبلغ المساحة الكاملة 2740 دونماً بعلاً، والذي يزرع ويحصد ينتج ويكون موسمه رابحاً، أما الذي يزرع من أجل الزراعة فقط فهو خاسر حتماً، وقد بدأنا بزراعة الأشجار المثمرة من زيتون حيث تمت زراعة خمسين دونماً مروياً بواقع 920 شجرة، و298 دونماً بعلياً بواقع 5722 شجرة، وهناك الكرمة والتين والرمان والتفاح والفستق الحلبي والليمون الذي أثبت قدرته على التحمل، وبدأ ينتج بشكل جيد».

أما عن الوضع التعليمي المتميز في القرية، فيؤكد مدير المدرسة الأستاذ "غازي أبو حسون": «إن عدد الطلاب في الحلقتين الأولى والثانية يبلغ 120 طالباً وطالبة يتعلمون في مدرسة نموذجية بكل التفاصيل، حيث الاستقرار في الكادر التدريسي، وفي المدرسة مخبر متطور وتتم فيه تجارب مخبرية مهمة لتعليم الطلاب في الفيزياء والكيمياء، ولدينا 14 حاسوباً ومدرسون مختصون بتعليمه لكافة المراحل، والشيء المهم أن الأهالي لديهم حساسية مفرطة لتعليم أبنائهم، ويتعاونون مع إدارة المدرسة في كل ما يتعلق بأبنائهم، وقد تقدم 16 طالباً لامتحان التعليم الأساسي في الحلقة الثانية ونجحوا جميعاً، ولدينا في القرية 65 إجازة جامعية، منهم 17 حقوقياً، وسبعة أطباء منهم طبيب وصلت شهرته إلى أوروبا، وكسبه الجيش العربي السوري الذي يخدم لصالحه، وثماني ضباط، وعشرة مهندسين باختصاصات مختلفة، و103 شهادات معاهد مختلفة، ونعتبر من حيث عدد السكان أكثر القرى اهتماماً بالعلم».






وعن الخدمات المتوافرة في القرية تحدث الأستاذ "فايد مرشد" رئيس بلدية "لبين" التي تتبع لها قرية "جرين" قائلاً: «إن جميع المواطنين في القرى المجاورة يفخرون بهذه القرية وبأبنائها، ويضربون عنها الأمثال في التميز، وهم متعاونون في كل الأعمال التي تقوم بها البلدية من شق للطرق إلى النظافة والخدمات الأخرى، وفي البلدة شبكة طرقية كاملة، ومركز صحي، وجمعية فلاحية، وشبكة مياه تصل إلى المنازل، وشبكة هاتفية، ومواصلات مؤمنة إلى مدينتي "السويداء" و"دمشق"».