منذ مطلع القرن العشرين بدأ التشكل الجنيني للحركة التشكيلية في سورية، وبعد حوالي نصف قرن تم التنبه المبكر إلى ضرورة تأريخ الحركة التشكيلية في سورية، وكانت الخطوة الجريئة والتي تعكس وعياً متقدماً في ذاك الوقت.
موقع "eSyria" بتاريخ 26/7/2010 وعن متحف "الفن الحديث" أحد أقسام المتحف الوطني بدمشق التقى السيدة "هيام دركل" أمينة متحف الفن الحديث لتحدثنا عن المتحف من حيث النشأة والمسيرة، هنا تقول: «متحف "الفن الحديث" تأسس في المتحف الوطني عام 1956، وهو خامس متحف حسب ترتيب "المتحف الوطني" التي هي بحسب التسلسل، "متحف ما قبل التاريخ، المتحف الكلاسيكي، متحف الشرق القديم، المتحف الإسلامي"، وفي المرتبة الأخيرة كان "متحف الفن الحديث"».
يضم المتحف أعمالاً لفنانين تشكيليين سوريين بمختلف فروع الفن التشكيلي، إن كان في مجال التصوير الزيتي، النحت، الغرافيك أو الخزف، هنا عن مقتنيات المتحف تقول "دركل": «كانت المقتنيات في الفترة الأولى من الفن السوري، ومن ثمََ تطورت الأمور فأصبحت مقتنياتنا من الفن العربي والأجنبي أيضاً، وتضم مجموعتنا الآن فنانين تشكيليين سوريين، عرب وأجانب، كما كنا نمتلك في البداية قاعتين: واحدة للفن السوري والأخرى للفن العربي، وكان من المستلزمات تحويل قاعة الفن العربي إلى قاعة معارض دولية».
أهمية الأرشفة الإلكترونية في المتحف من أحد اهتماماتهم، عن ذلك تقول: «شارك المتحف بجناح في معرض الذاكرة التشكيلية الأول في عام 2008 بمناسبة "دمشق عاصمة الثقافة العربية"، حيث عرضنا فيه لوحات فنية مع بعض المقالات الصحفية في مقدمته، فنحن لدينا مجموعة من المقالات الفنية من الأرشيف الفني من
فترة الأربعينيات والخمسينيات وحتى من الفترات الأولى، وإننا الآن في طور الأرشفة الإلكترونية الفنية للفن الحديث، حيث نحاول الحفاظ على هذه الصحف عن طريق تصويرها بالماسح الضوئي كي لا يتم فتحها بشكل دائم لأنها عبارة عن جرائد ومطبوعات ورقية قديمة، كما نمتلك "كاتالوكات" قديمة للفنانين».
تتابع: «كما كان لدينا في هذه الفترة معرضان عالميان، معرض لمتحف "فيكتوريا وآلبرت" من "بريطانيا"، ومن ثم هناك معرض لفنانين من "إسبانيا" وهو على مستوى عال، وذلك بالطبع من أجل تشجيع الحركة الفنية الأجنبية، حيث بعد ذلك ستعود أعمال الفنانين السوريين لمكانها».
عن المعايير المتبعة لديهم كإدارة متحف لاقتناء الأعمال الفنية تقول "دركل": «هناك لجنة فنية خاصة للاختيار، لجنة تختار من المعارض العامة ومن صالات العرض الخاصة، نحن نحاول أن نكون ضمن معايير وزارة الثقافة، أحياناً الوزارة هي من تختار الأعمال، وأحياناً مديرية الآثار والمتاحف، وتختلف مقتنيات الوزارة عن مقتنيات المديرية جزئياً، فنحن نحاول اقتناء الأفضل والأحسن دائماً، وعندما يعرض الفنان في معرضه حوالي ثلاثين أو أربعين لوحة، يكون لدينا مجال الاختيار أوسع لاختيار العمل الأفضل».
عن أهم أسماء الفنانين الموجودين في المتحف بشكل عام، تقول: «تقريباً المتحف يغطي معظم أعمال الفنانين، مثلاً الفنانين الرواد: "توفيق طارق، سعيد تحسين، نصير شورى، محمود حماد، لؤي كيالي، ميشيل
كرشة"، وهناك مدارس فنية عديدة، مثل "نصير شورى" حيث لدينا جميع مراحل تجربته، من المرحلة الأولى الانطباعية وحتى وصوله إلى المرحلة التجريدية مروراً بالجمع بين الانطباعية والحداثة، فالفنان هنا مرّ بكل المدارس، وكذلك لدينا مجموعة "لؤي كيالي ومحمود حماد"، بدءاً بالمرحلة الكلاسيكية التي كان يرسم فيها أشخاصاً ومناظر طبيعية ومن ثم وصل لمرحلة الحروفية، فأصبح يرسم الحرف، كما لدينا نسبة معينة من اللوحات للفنانات السوريات من فترة الأربعينيات وحتى الآن، وهناك فنانات سوريات كان لهن أسماء شهيرة مثل "منور مورالي"، وقد شاركت أعمالها في معرض الذاكرة التشكيلية، إضافة إلى "إقبال قارصلي" و"ليلى نصير"».
أما عن عدد الأعمال المقتناة في المتحف الوطني فتقول السيدة "دركل": «تقريباً أعمالنا حوالي 2500-3000 عمل بما فيها أعمال الفنانين العرب والأجانب، ومن ثم متحف الفن الحديث يضم ليس فقط الأعمال الفنية التشكيلية، بل هناك نقود وطوابع من حوالي 200 سنة وحتى الفترة الحالية، وهناك طوابع قديمة، إضافة إلى نقود خاصة بسورية ونقود أجنبية من العالم، فمتحف الفن الحديث يتوسع باستمرار ليس فقط باللوحات، بل بالطوابع والنقود وأمور أخرى كثيرة».
الفنان التشكيلي "مروان عثمان" من متابعي متحف الفن الحديث والمعارض المستمرة فيه لكونه من العاملين في مديرية الآثار والمتاحف يقول: «حين أدخل متحف الفن الحديث؛ أول ما يلفت
انتباهي أعمال الرواد والتي أصبحت الآن من تراث الشعب السوري ففيها نجد تأريخاً لنمط الحياة وكيفية العيش في السابق، فالأعمال هامة جداً مثل أعمال "رشاد مصطفى، ميشيل كرشة، نصير شورى، نذير نبعة"، وآخرين، فمجمل التجربة التشكيلية السورية منذ قرن وحتى الآن تجدها في متحف الفن الحديث فهناك تتابع من الرواد وحتى جيل الشباب المعاصرين، إضافة إلى أن هناك طرقاً في العرض ضمن المناسبات المختلفة ذات الطابع الثقافي أو الوطني أو القومي».