سكنت قرية "لبين" (34 كم إلى الشمال الغربي من مدينة "السويداء") مع نهايات القرن الثامن عشر من قبل مجموعة من العائلات في العام 1885، وكانت غابة كثيفة من الأشجار الحراجية المثمرة قبل أن يقطعها العثمانيون من أجل إمداد خط السكك الحديدية بالوقود، ولمنع الثوار من الاختباء داخلها، ومنذ ذلك الوقت لا تزال زراعة الأشجار فيها تواجه مصاعب كثيرة على الرغم من كل المحاولات التي قام بها السكان لإعادة الخضرة إليها.
يقول الأستاذ "سلامي أبو سرحان" مدرس اللغة العربية في القرية لموقع eSuweda عن أصل تسمية القرية وأول من سكنها: «لاسم القرية- بحسب الأهالي الذين سكنوها منذ البدايات- معنيان أولهما يعود إلى ابنة ملك فرنسي حل بالمنطقة قديماً، وأطلق عليها اسم "لوبين"، والاسم الآخر الأكثر شيوعاً يأتي من لب شجرة اللوز (أبو فلقتين) أي التي لها لبـّان في الداخل، وهي التي اشتهرت قديماً بغابة من أشجار اللوز.
وفي العام 1885 قدم إلى القرية شاب مع عائلته يدعى "شبلي أبو سيف"، تبعه "عباس مرشد" و"حسن أبو سرحان" و"شاهين المحيثاوي"، الذين أسسوا بيوتهم الخاصة، ودخلوا الحياة العامة من أوسع أبوابها مع تواجد الاحتلال العثماني الذي فرض عليهم نمطاً جديداً أعادهم إلى ما كانوا عليه أثناء تواجدهم في لبنان، فالتحقوا بالثوار حتى انتهى الاحتلال، ودخلوا مرحلة جديدة زمن الاحتلال الفرنسي نتج عنها التحاق كل من المجاهدين "شاهين المحيثاوي" و"حسان أبو سرحان" و"أسعد حسين القاضي" و"حسين محفوظ أبو عاصي" بالثورة السورية الكبرى التي نتج عنها استشهاد حامل البيرق "حسين القاضي" وسيدة جليلة كانت تسعف الثوار وتمدهم بالماء والطعام تدعى "سلمى القاضي"».
يعمل سكان القرية بالزراعة وتربية المواشي، وعدد كبير منهم موظف في القطاعات المختلفة للدولة، ونسبة كبيرة منهم اتجهت نحو السفر.
يقول المهندس "إحسان المحيثاوي" رئيس الوحدة الإرشادية في القرية: «على الرغم من وعورة الأرض
الواقعة في منطقة "اللجاة" (المحمية الطبيعية المكونة من أرض بازلتية وعرية) من ناحية الغرب إلا أن السكان استصلحوا أرضهم وزرعوها بالحبوب المتنوعة مثل القمح والشعير والبقوليات، وهم يعتمدون بشكل كلي على مياه الأمطار التي تهطل بشكل لا يتجاوز 200 مم، وهو ما سبب الكثير من المتاعب وخاصة في سنوات الجفاف المتلاحقة التي لم تنته مفاعيلها على فلاحي القرية حتى الآن، ومنذ ما يقارب 15 سنة بدأ الناس بزراعة أشجار الزيتون التي أثبتت قدرة على العيش في هذه المناطق الوعرة والقليلة المياه، وزرع الفلاحون أشجار اللوزيات في محاولة لإعادة ما كانت عليه القرية فيما مضى عندما كانت غابة كثيفة مزينة بأشجار اللوز، غير أن الذي ينقص القرية الطرق الزراعية التي تخفف عن الفلاحين عناء الوصول إلى أرضهم، وقد أقرت مديرية الموارد المائية حفر بئر استثماري بين قريتنا وقرية "جرين" التي تحدنا من الشمال، وهو شيء جيد يمكن أن يساعد على توفير إنتاج مناسب من المزروعات، ويثبت الفلاحين في أرضهم، علماً أن في "لبين" ثلاث مزارع لتربية الأبقار، غير التي يقوم الناس بتربيتها، حيث تبلغ أعدادها إلى الآن 100 بقرة حلوب، و26 غير حلوب، و20 عجلاً للتسمين والبيع، وتشرف الوحدة الإرشادية على هذه الأبقار وتراقبها من أجل حمايتها من الأمراض.
أما فيما يتعلق بالسفر فإن 50% من سكان القرية البالغ عددهم 2500
نسمة يعملون بالخارج، وخاصة في لبنان والأردن وليبيا ودول الخليج العربي، وهو ما ينعكس على القرية بشكل إيجابي من ناحية العمران».
كغيرها من قرى القطر، تتوافر في القرية العديد من الخدمات الأساسية التي تساعد الناس على قضاء أعمالهم، وهي تعتبر من المراكز المصغرة لكونها محاطة بالعديد من القرى، يقول الأستاذ "فايد مرشد" رئيس البلدية عن هذا الواقع: «تخدم البلدية ثلاث قرى متجاورة هي: "لبين" و"جرين" و"حران" ضمن الإمكانيات المتوافرة، إضافة إلى الدعم المقدم من وزارة الإدارة المحلية، وهي أموال تذهب باتجاه تحسين البنية التحتية للقرى الثلاث من طرق ونظافة وإنارة للشوارع وحدائق وغيرها من الأعمال التي تحتاج التدخل المباشر، وتتميز "لبين" بشبكة جيدة من الطرق الداخلية مع طريق رئيسي يحتاج مستقبلاً إلى التوسع.
وفي القرية مركز صحي متطور يشبه إلى حد كبير مشفى مصغراً تم تدشينه في العام 1998، ويأتيه مراجعون من خمس قرى مجاورة، يتواجد فيه أربعة أطباء أسنان، وخمسة ممرضين، وطبيب عام يأتي يوماً واحداً في الأسبوع، وهناك وحدة إرشادية يرأسها مهندس زراعي مختص تقوم على خدمة الإخوة الفلاحين، بالإضافة إلى الجمعية الفلاحية التي ينضوي تحت خيمتها جميع الفلاحين والمزارعين، وهناك شعبة بريد، ومركز للهاتف يربط أربع قرى على خط واحد، ومدرستان حلقة أولى تضم 320 طالباً، وحلقة ثانية فيها 175 طالباً، وبئر لمياه الشرب، وشبكة كهربائية تصل
إلى كل المنازل.
وقد لوحظ على المخطط التنظيمي روضة نموذجية من ضمن الروضات الست التي قررت مديرية التربية إقامتها، وفي الحقيقة أن الأرض استملكت لهذه الغاية، مع السعي لبناء مدرسة ابتدائية ثانية من أجل اختصار الطريق على طلاب المدارس في الأطراف، ونطمح في المنطقة لإيجاد مركز ثقافي مصغر، وبئر ثانٍ من أجل استثماره في الزراعة، وهناك خطط تقوم بها البلدية لإنشاء حدائق نموذجية في القرية، وخاصة أمام المركز الصحي كأنسب مكان فيها».