الفج بين جبلين" هو معنى لاسم قرية من القرى الساحلية التي تميزت بمناخها اللطيف وطبيعتها الرائعة الخصبة ومياهها العذبة وتاريخها العائد إلى حوالي "2500" عام قبل الميلاد، وسكانها الطيبين أبناء الشيخ "يونس سلمان" من قرية "المجيدل" التابعة لمدينة "الشيخ بدر"، التي زارها موقع eSyria.
أطلق عليها اسم "فجليت" لأنها تمركزت بين جبلين أي "الفج المفتوح على البحر والواقع بين جبلين" وقد ارتبطت كاسم وحضارة بالحضارة الفينيقية، وسكنتها في تلك الأيام آلهتهم "بعليت" واستخدموا حرف "التاء" المبسوطة في أغلب تسمياتهم للمدن التابعة لهم مثل "عمريت" و"أوغاريت" و"فجليت".
ويقول الأستاذ "علي مرهج" مدير مدرسة "فجليت": «تميزت قرية "فجليت" بموقعها الجغرافي الذي يحده من الجهة الشمالية الغربية مدينة "طرطوس" ومن الجهة الشرقية الحدود الإدارية لمحافظة "حماة"، وتبعد عن مدينة "الدريكيش" حوالي ثمانية عشر كيلومترا، وعن بلدة "وادي العيون" السياحية أربعة كيلومترات، وترتفع عن سطح البحر ما بين "750/ 1000" متر، لذلك فطبيعتها جبلية قاسية ومنحدرة بشدة في أغلب مناطقها، وهذا ما جعلها مسكناً للفينيقيين مع آلهتم "بعليت" منذ "2500" عام قبل الميلاد».
و"تل شورى" و"العاصية" هي مناطق أثرية سياحية بامتياز سكنتها حضارات وشعوب سابقة، وعنها يقول:
«يوجد في القرية تاريخ حضارات لأمم سبقتنا واختارت هذه المنطقة لتسكنها، فمنهم من سكن التلال والمرتفعات كـ"تل شورى" الذي استخدمه سكانه للتشاور فيما بينهم، بحسب أحاديث الأساطير القديمة، ومنهم من سكن المغاور كالمغارة "العاصية" التي تميزت بصعوبة الوصول إليها، ومغارة الشيخ "يونس" ومغارة الشيخ "مرهج".
ويقول السيد "سليم محمود ابراهيم" مختار قرية "فجليت" (منذ حوالي ستة عشر عاماً):
«يعتمد سكان القرية البالغ عددهم حوالي "8100" نسمة على الوظائف الحكومية وغير الحكومية، نتيجة لعدم مردودية الزراعة وصغر الحيازات الزراعية والانحدارات الشديدة في المناطق القابلة للزراعة، والتي استخدمت لزراعة أشجار الفواكه المحبة للمناخ البارد شتاءً والمعتدل صيفاً مثل "الخوخ" و"التفاح" و"الجوز" وغيرها، وصعوبة التضاريس الجبلية لم تنعكس على نفوس السكان الذين ميزتهم الطيبة والمحبة والصدق في التعامل، وصنعت منهم العلماء والمفكرين والباحثين أمثال الدكتور الشهيد "نشأت سعد" والدكتور "أديب سعد" والدكتور "جودت هندي" والفنان العالمي "غسان مسعود"» .
ويتابع: «الموقع المميز للقرية ووجودها على مجرى نهرين، دفع
الأهالي لإقامة العديد من المقاصف الشعبية والمتنزهات الطبيعية، مثل "الأوسكار بالاس" و"سحر الوادي" و"الربيع" كخطوة أولى ومشجعة لجذب الاستثمارات السياحية لاستثمارها بالشكل الأمثل وخصوصاً المناطق الطبيعية فيها، وهذا ليس بحاجة إلا لزيارة واحدة إليها لرؤية إمكانياتها السياحية المتاحة».
وعن العلاقات الاجتماعية ومن أين انحدرت تحدث المختار "سليم" بكل شفافية قائلاً:
«في القرية حوالي خمس حارات هي حارة "المعيسلي" و"حارة المشايخ" و"الحارة الشرقية" وحارة "بيت الهندي" وحارة "فجليت" المركز، و"مزرعة الصنوبرة"، ويقطنها "بيت ابراهيم" و"بيت سعد" و"بيت اسماعيل" و"بيت محمود" و"بيت عيسى" و"بيت سلمان" و"بيت ديبو" و"بيت الشعار" و"بيت عثمان" و"بيت عبد الله" و"بيت مسعود"، وجميعهم ينحدرون من جد واحد هو الشيخ "يونس سلمان" الذي أتى من قرية "المجيدل" التابعة لمنطقة "الشيخ بدر" منذ حوالي "500" عام، ليسكن هنا في أرض منحها له اقطاعي من آل "شمسين"».
وفي لقاء مع المهندس "محمد اسماعيل" رئيس بلدية "فجليت" قال: «عندما ترى الخضار فاعلم أنه يوجد ماء، وقرية "فجليت" غنية بالينابيع، حيث يوجد فيها حوالي ستة ينابيع دائمة الجريان، منها اثنان مصنفان على أنهما ذوا طبيعة معدنية ممتازة، سميا بحسب الحارة المتواجدان فيها، وهي حارة "المشايخ" وحارة "عين بنمرة"، أما الينابيع الأربعة الأخرى فتعاني من بعض التلوث بسبب الجور الفنية للصرف الصحي الذي لم نستطع تنفيذ سوى ستين بالمئة منه على مستوى البلدة لضعف الإمكانات المادية في البلدية التي تنتظر إكمال الإعانات المادية من المحافظة لمتابعة تنفيذ الأربعين الأخرى».
ويتابع: «في عام "2009" تمت الموافقة على إعانة من المحافظة لمتابعة مشاريع الصرف الصحي بقيمة سبعة وعشرين مليون ليرة، وتم تقسيم المشروع إلى عدة مراحل لضمان تنفيذها بالشكل الأمثل، حيث الآن نحن في طور استلام المرحلة الأولى منه وهي بقيمة خمسة ملايين ليرة، للعمل على متابعة المرحلة الثانية بقيمة ثمانية ملايين ليرة».
وعن مساحة القرية وقرار ضم المزيد من القرى
لقطاع البلدية يقول: «رغم ضعف إمكانات البلدية المادية حتى على مستوى دفع رواتب الموظفين، فهي تغطي بخدماتها المتواضعة والمقتصرة على عمليات الإنارة الطرقية وجمع النفايات وبعض المشاريع الصغيرة مساحة "400" هكتار، ولكن قرار ضم المزيد من القرى وهي "خربة شاتي" و"الصفاصيف" و"قنية جروا" و"بشميس"، بمساحة "400" هكتار زاد الضغط على عمل البلدية التي أصبحت بحاجة ماسة لتعديل ميزانيتها وزيادة الإعانات المخصصة لها».
أما المشاريع التي تمت دراستها وتعتبر مشاريع حيوية للقرية وخصوصاً أنها تنتظر الدعم اللازم لتفعيل الجانب السياحي والاستثمارات السياحية فيها لما تملكه من مقومات طبيعة وتاريخية تستحق النظر والعمل عليها، فيوضحها بقوله: «تمت دراسة ثلاث مشاريع طرق حيوية في القرية، بمساهمة المجتمع المحلي المتلهف لدخول الاستثمارات السياحية إلى القرية، وهي إكمال الطريق الرئيسي على الحدود الإدارية للقرية، وأطلقنا عليه اسم الدائري وهو سياحي بامتياز بعرض عشرين متراً وطول كيلومتر واحد، والثاني طريق حي "المكنسة" بطول حوالي كيلومتر، والثالث يخدم طريق حي "الصنوبرة" ويوصل بين حارتين معروفتين بموقعهما المميز وطبيعتهما الجميلة».
ويضيف موضحاً بعض المشاكل العالقة التي تنتظر الحلول العاجلة: «يوجد في القرية بعض المبادرات الفردية التي يجب تشجيعها ومؤازرتها، والتي تعمل على تحسين الوضع السياحي العام للقرية، وهي إنشاء بعض المقاصف والمتنزهات الشعبية على مجرى النهر، حيث أنشئ مقصف يدعى "الربيع" في أجمل المناطق على النهر ويعاني من عدم السماح له بالترخيص في المنطقة الخضراء بالنسبة للتنظيم، والمشكلة هي أنه تم وضع أفضل المناطق القابلة للاستثمار السياحي في القرية منطقة خضراء، في حين سميت المناطق غير القابلة للاستثمار السياحي منطقة سياحية، وهذا ما دفعنا كمهتمين بوضع البلدة لجعلها مقصداً للاستثمار السياحي وفتح أبواب أخرى تساعد السكان في معيشتهم إلى الطلب من اللجنة الإقليمية تعديل الوضع التنظيم للقرية وفقاً للمعطيات على أرض الواقع بعد زيارتها ورؤية كل شيء على حقيقته، ولكننا لم نلق الرد
المقنع، حيث كانت الحجة هي التأخر في تقديم الاعتراض والتعقيب على أهمية المنطقة الخضراء ناسين أن منطقتنا بأكملها خضراء».
ويختم حديثه بتوضيح أهمية تفعيل الجانب السياحي في القرية، قائلاً: «عدد سكان القرية حوالي "8100" نسمة في الأحوال العادية، وتزداد لتصل إلى حوالي العشرين ألف نسمة في فصل الصيف، ما يؤكد أهمية المنطقة بالنسبة للكثيرين من المصطافين والمهتمين بالطبيعة والجمال الطبيعي، وخاصة مع وجود الكثير من المواقع الأثرية غير المكتشفة رسمياً، وهذا دليل واضح للمستثمرين لإقامة المنتجعات والفنادق والموتيلات والمطاعم الفاخرة لتستوعب هذا الكم الهائل من الزوار وتشجيعهم على السياحة الشتوية أيضاً، أسوة ببقية المناطق والدول المجاورة، مع العلم أن جميع الأهالي جاهزون لتقديم كافة التسهيلات اللازمة لذلك».