«تقع قرية "الكالطة" على ضفاف نهر "البليخ"، أحد أهم روافد نهر "الفرات"، إلى الشمال من مدينة "الرقة" بنحو /30/كم، وليس للاسم أية دلالات على أنها تنتمي إلى فصيح اللغة العربية، بل إن الاسم قد ورد من عامية أهل "الفرات"، من "كلّطَ" أي دنا واقترب...
و"تكلَّط" بمعنى تقدّم، وقد حظيت بهذا الاسم، لأنها تدنو أو تقترب من ضفاف نهر "البليخ"، أو تطل عليه، وهذا هو المعنى القريب لكلمة "الكالطة"، وهو من المعاني الشائعة لدى سكان واديي "البليخ" و"الفرات"، ودُعيت "الكالطة" فيما سبق بـ"خربة المتكلطة"، وارتباطها بكلمة "خربة"، يدل على أنها تقع في محيط منطقة أثرية، وهو ما يؤكده وجود عدد من التلال الأثرية بالقرب منها، أشهرها "تل زبن"، و"تل السمن"، و"تل أبو شارب"، والتل الأول يُعتقد بأنه يحتوي على أهم أسواق ومصانع السلاح قديماً، علماً أن هذا التل لم يخضع إلى أي عملية تنقيب أثرية منهجية، بل تعاورت عليه معاول نباشي الآثار من الباحثين عن الثراء».
ذكر ذلك لموقع eRaqqa الباحث "محمد العزو"، في معرض حديثه عن تعريف كلمة "الكالطة"، وهل لها دلالات في اللغة العربية.
وتحدث المزارع "محمد علي الدرويش الهويدي"، وهو أحد سكان القرية، قائلاً: «يعود تاريخ تأسيس القرية إلى عام /1948/م، حيث بنى جدي "درويش المحمد الهويدي"، أول بيت فيها، وقام ببناء مضافة في نفس العام، وكانت مواد البناء المستخدمة، هي اللبن، وسُقفت بالعمد، وطليت جدرانها بالجص، وبدأت بوادر الحياة تنبعث في هذه المنطقة بدءاً من هذا العام، وشهدت القرية توسعاً كبيراً إلى أن أصبح عدد سكانها حالياً يربو عن /5000/ نسمة.
تتميز "الكالطة" بمناخ متوسطي داخلي، حيث ترتفع درجات الحرارة صيفاً، وتتراوح ما بين /39ـ41/ درجة، وتتناقص شتاءً، وتصل إلى درجة الصفر ليلاً، أما نهاراً فتتراوح درجات الحرارة ما بين /10ـ15/درجة، ومعدل الهطول المطري السنوي نحو /150/مم، ورياحها غربية، تتخللها في بعض الأحيان رياح شرقية، غالباً ما
تكون محملة بالغبار والأتربة.
يعمل جلّ سكان القرية بالزراعة، وبعضهم يعمل في تربية الماشية، وكان أغلب السكان يعتمدون على ري محاصيلهم الزراعية من نهر "البليخ"، أو من الآبار، أو بعلاً، ومنذ عام /1994/م، وصلتها مشاريع استصلاح الأراضي، حيث خضعت أراضيها للري ضمن مشروع ري "بليخ" الذي يروي أراضيها من مياه نهر "الفرات"، وتمر القناة الرئيسية في وسط القرية، وتبلغ المساحة الإجمالية لأراضي القرية المروية نحو /13085/ هكتاراً، بينما الأراضي البعلية نحو /1260/ هكتاراً، ومعظم فلاحوها يعملون بالمشاركة، وتشتهر القرية بزراعة القمح، والقطن، والشوندر السكري، والذرة الصفراء، والشعير، والخضروات كقوت يومي، إضافة إلى ما شهدته القرية من توسع في زراعة أشجار الزيتون ضمن الأراضي المستبعدة.
كما يعمل بعض سكان القرية بتربية الماشية من الأغنام والماعز، ويتواجد لدى مربي الأغنام حوالي /7600/ رأساً من الغنم، و/500/ رأس من الماعز، وهناك عدد قليل من رؤوس الأبقار، وتعاني الثروة الحيوانية في القرية من عدم كفاية المراعي الطبيعية، وبقايا المحاصيل، إضافة لاهتمام أهل القرية بالهجرة، خاصة لدى جيل الشباب، وتنقسم إلى نوعين، القسم الأول، هجرة داخلية، وتشمل شريحة الشباب، الباحث عن فرص الوظيفة في مدينة "الرقة"، أو المدن الكبيرة الأخرى، أو بقصد الدراسة، أما القسم الثاني، الهجرة الخارجية، وتقتصر على جيل الشباب، ممن يرغبون بتحسين أوضاعهم الاقتصادية، ومقصدها لبنان بالدرجة الأولى، ثم الأردن ودول الخليج العربي».
وتحدث لموقعنا السيد "محمد أحمد العلي"، رئيس بلدية "الكالطة"، قائلاً: «تقع قرية "الكالطة" إلى الشمال من مدينة "الرقة"، ويحدها من الشمال قرية "خنيز"، ومن الجنوب قرية "العبارة"، ومن الغرب نهر "البليخ"، ومن الشرق قرية "بئر سعيد"،
وتعتبر القرية من القرى الزراعية ذات الموارد المحدودة، وقد أحدثت فيها بلدية منذ عام /1997/م، وتتبع لها مزرعة "المرجانة"، وقرية "بئر سعيد"، وتبلغ مساحة القرية ضمن المخطط التنظيمي /850/ هكتاراً، وهي المساحة المخصصة للسكن، والنفع العام.
تسعى البلدية جاهدة لتأمين جميع الخدمات لسكان القرية، والبنى التحتية، وتوّجت هذه الخدمات بتأمين أراضي للمواقع العامة، آخرها موقع عام لمستوصف القرية، الذي جرى افتتاحه في مستهل العام الحالي /2010/م، إضافة إلى المباشرة بمشروع الصرف الصحي، وإنشاء محطة معالجة بغزارة /500/م3 يومياً، وذلك بعد أن تم الحصول على موافقة رئاسة مجلس الوزراء بإنشائها بداية عام /2010/م».
وحول المشاريع التي نفذتها البلدية، يقول رئيس البلدية: «قرية "الكالطة" مخدَّمة بشبكة مياه الشرب منذ عام /1984/م، ويبلغ طول الشبكة نحو /35/كم، وقد وصل إليها التيار الكهربائي منذ عام /1978/م، وقد تم إنارة شوارع القرية بعدد من النقاط الضوئية، يبلغ نحو /650/ نقطة ضوئية، ويبلغ طول الطرق فيها نحو /45/كم بعضها معبد بالزفت، وبعضها الآخر تم فرشه ببقايا المقالع.
أما بالنسبة لشبكة الهاتف، فقد زوُدت القرية بشبكة هاتف، نصف آلي منذ عام /1984/م، وبقي هذا الوضع إلى عام /2009/م، حيث تم ربط القرية بمشروع الريف الثالث، وهو مشروع كبير يربط معظم قرى المحافظة بشبكة الهاتف الرئيسية، وبالنسبة للخدمات الأخرى التي تقدمها البلدية، فهي تقوم بتنظيم العمران، وتخطيط الشوارع، وإقامة الحدائق، حيث بلغ عددها /13/ حديقة وجزيرة خضراء.
كما يوجد في القرية جمعية فلاحية، يعود تاريخ تأسيسها إلى عام /1964/م، وإرشادية زراعية، منذ عام /1986/م، وتم إحداث مركز لبيع المواد الاستهلاكية منذ عام /1989/م، ويجري
حالياً تنفيذ مشروع بناء صويمعة حبوب، ومركز لبيع الأعلاف».
وحول الوضع التعليمي، ونسبة الأمية في القرية، يقول "العلي": «نسبة الأمية في القرية قليلة جداً، وتكاد تنحصر لدى النساء، وكبار السن، ويعود ذلك إلى الوعي المبكر بأهمية التعليم والعلم، ويتزامن مع إقبال على تعليم أبناء القرية من قبل ذويهم، وقد تم افتتاح أول مدرسة ابتدائية فيها منذ عام /1963/م، وكانت مؤلفة من ثلاث غرف، وفيما بعد تأسست مدرسة إعدادية في عام /1978/م، ويلقى الجانب التعليم دعماً مميزاً في القرية، إذ بلغ عدد المدارس إلى حينه، مدرسة ثانوية واحدة، وإعداديتين، وثلاث مدارس ابتدائية».