بار فريدي" واحد من البارات الشعبية الشهيرة في العاصمة "دمشق"، تأسس في نهاية العقد الثالث من القرن الماضي على ضفة نهر "بردى" مقابل وزارة الداخلية لينتقل بعد أربعين عاماً ونيف إلى أحد أفرع شارع "العابد" وسط "العاصمة".
يقول "محمد زهير زرزور" رئيس جمعية الخطاطين السوريين لموقع eDamascus بتاريخ 24/4/2010 (يملك محلاً مقابلاً لـ "بار فريدي"): «أعمل في هذا المحل منذ نصف قرن، وأستطيع القول: إنه واحد من أشهر البارات في "دمشق" على الأقل في الستينيات وحتى نهاية القرن الماضي، وخلال هذه المدة شاهدت ألوف الأشخاص يمرون من أمام محلي باتجاه البار، وكما ترى لا يبعد من هنا أكثر من عشرة أمتار، استقبل عامة الناس وأكابرهم، كما استقبل العديد من الأدباء والفنانين من الصباح وحتى التاسعة مساءً موعد الإغلاق، ولعل ما يميزه عن غيره من البارات أن زبائنه كانوا من كل السويات ابتداءً من الفقير المعدم إلى الغني والمشهور، سوريين وعرباً وأجانب».
أما الصحفي "إسماعيل عيسى" فيقسم رواد "فريدي" كما يتذكره أواخر السبعينيات ومنتصف الثمانينيات إلى قسمين فيقول: «منهم من يقيم بشكل دائم، وهم يشكلون أساس وعصب "فريدي" الحقيقي، وقسم عابر مندهش، وكثيراً ما يتحول أحد
من هؤلاء إلى مقيم، وللعابرين ظروفهم وغاياتهم، فمنهم من يأتي بالمصادفة لشرب زجاجة بيرة ويذهب، ومنهم من يأتي بدافع حب المعرفة والتعرف إلى شخصيات بعينها ممن كانوا يرتادون البار من الكتاب والشعراء والفنانين».
وعن تاريخ البار يقول السيد "علي قطرميز"- مالك المطعم الصحي- وهو من اشترى البار وحوله إلى (مطعم الصافي): «تأسس بار "فريدي" عام /1928/ في منطقة المرجة "وسط دمشق"، وليس كما يقال في منطقة جسر "فكتوريا"، وكان يملكه شخص "يوناني" اسمه "فريدي"، ومن هنا جاءت التسمية، وفي عام /1968-1969/ استملكت الدولة قسماً من هذه المنطقة (منطقة "المرجة") وأقامت منشآت عدة فيها، وعوضت على صاحب البار بمبلغ مالي قدره (25) ألف ليرة سورية، وباعتبار أن السيد "فريدي" الذي غادر سورية قبل ذلك إلى بلده الأصلي كان أوصى بوصية رسمية بالبار للسيد "نقولا فرزلي" الذي كان يعمل بالبار، فقد آل مبلغ التعويض إلى السيد "فرزلي"، فكان أن اشترى
محلاً بهذا المبلغ هنا في "شارع العابد"، وفي عام /1970/ افتتح فيه السيدان "جوزيف وسليم فرزلي" ولدا السيد "نقولا" باراً أسمياه "بار فريدي"، وبقي يعمل حتى عام /2005/ حيث اشتريت المحل منهما وحولته مؤخراً إلى "مطعم الصافي"».
الصحفي "رفيق قوشحة" يتذكر البار بكثير من الحنين فيقول في "جريدة شرفات الشام الإلكترونية": «كل عام نخسر مكاناً تعودنا على ارتياده لسنين طويلة، في البداية فقدنا "اللاتيرنا" ثم فقدنا "بار فريدي" ثم "النورماندي" أو مطعم "الريس"، تلك الأمكنة لم تكن مجرد مطاعم أو بارات بقدر ما كانت منتديات للحوار والإبداع والثرثرة أحياناً.. هي بكل جمالياتها وفظاظاتها، واحات رحبة لملامسة أوسع دائرة للحرية، فعلى تلك المناضد، ومع ثمالات الكؤوس، كنا نقول كل شيء، ولطالما قرأنا القصائد والقصص، ولم يكن يخلو الأمر من حياكة الدسائس، وبعض المهاترات».
بقي أن نشير إلى أن بار "فريدي" الذي وصفه الكاتب والصحفي "لقمان ديركي" في كتاباته غير
مرة بالباص باعتباره ذو شكل طولاني، لا تتجاوز مساحته الـ (15) متراً مربعاً، وفيه تتوزع الطاولات والكراسي على صفين متوازيين، ويقع بالتحديد في أحد أفرع شارع "العابد" "بدمشق" في جادة "محمد جديد" أو كما تسمى حالياً "جادة الجزائر" دخلة "شرف"، أو في الدخلة المواجهة للبرلمان وهي منطقة تجارية بحتة.