لم تكن زيارتنا إلى غابة جبل النبي "صالح" أبداً محض صدفة، أو زيارة عادية، بل لكثرة ما سمعنا عنها من أحاديث وأقاويل عن الطبيعة العذراء الجميلة والفاتنة التي تسكنها الكثير من الينابيع المعدنية، والمقامات الدينية والأشجار الباسقة التي تكاد رؤوسها تطال العلا، فمنذ اللحظة الأولى لدخولنا إليها تجسد لدينا إحساس العظمة والرفعة بهذه التركيبة الطبيعية الرائعة، والمشاعر الإنسانية السامية للحفاظ عليها كإرث طبيعي وهبه الخالق لنا.
وفي زيارة لموقع eSyria إلى غابة "جبل النبي صالح" التقى السيد "سهيل الرقماني" أحد مرتادي الجبل، حيث قال: «أتردد على غابة جبل النبي "صالح" بشكل مستمر للاستجمام والتمتع بالطبيعة الجميلة الرائعة ورؤية الينابيع المعدنية وهي تنضح من السفوح، حيث يعتبر هذا الجبل من أكبر خزانات المياه الجوفية المعدنية، بالإضافة إلى زيارة المقامات الدينية المتواجدة في أعلى القمة، التي تشعرك وكأنك في طائرة تحلق بك في الأعالي والأرض أمامك كالكف المبسوط الذي تلون بكل ألون الطيف» .
وعن أهم ما يعجبه ويشده للاستمرار في زيارة الغابة، يقول: «يوجد في الغابة الكثير من الأشجار الباسقة العملاقة كالصنوبريات والكستناء، التي تشعرك بعظمتها وقوتها وثباتها على هذه الأرض المعطاءة، إضافة إلى وجود الأرانب البرية التي قلما نراها في مناطقنا، باستثناء غابة الجبل النبي "صالح"، هذا ما يجعلنا نتطلع لمزيد من التخديم والاعتناء بها لتكون مقصداً سياحياً كبقية المواقع السياحية الأخرى» .
في
حين أكد المختار "علي خضور حسن" على أن هذا الجبل لم يكن مقصداً لأهالي المنطقة والقرى المتوضعة على كل سفح من سفوحه الأربعة فقط، بل تقصده الناس من جميع المناطق والمحافظات الأخرى، وخاصة في أيام العطل، للتمتع بالطبيعة البكر وزيارة المقامات الدينية المتعددة المتواجدة في أعلى قمته والتي تغطيها الأشجار الكثيفة الرائعة، التي تلطف الجو وتنعش الفؤاد .
وفي لقاء آخر مع المهندس "عبد الله أحمد" رئيس بلدية "سبه" الواقعة على أحد سفوح الجبل، قال: «تبعد غابة جبل النبي "صالح" حوالي الواحد والخمسين كيلومتر عن مركز مدينة "طرطوس" وترتفع في أعلى قمتها حوالي "1000/1200" متر عن سطح البحر مما يعطيها التميز في المناخ المعتدل والمنعش صيفاً والبارد شتاءً، حيث تفوق كمية أمطاره "1000"ميليمتر، إضافة إلى موقعه بين ثلاث محافظات مختلفة، ساحلية وهي "طرطوس" وداخلية وهي "حماه" ووسطى وهي "حمص"، وارتباطها إدارياً بمدينة "صافيتا"، التي تبعد عنها حوالي
ثماني عشر كيلو متر، وعن "مشتى الحلو" المجاورة لها حوالي سبعة كيلومتر» .
ويتابع: «تبلغ مساحة الجبل حوالي مئة هكتار، وفيه طريقين معبدين بمساعدة الأهالي يصلان إلى القمة والى المقامات الدينية، وهي كخطوة أولية لتحسين الواقع الخدمي لها والتشجيع على السياحة الدينية التي تمارس في جميع دول العالم كبقية أنواع السياحة» .
وعن الغطاء النباتي لجبل النبي "صالح" يقول المهندس "حسن صالح" رئيس دائرة الحراج في مديرية زراعة "طرطوس": «أهم أنواع الأشجار المشجرة في موقع غابة النبي "صالح"، هي الأرز والصنوبر بنوعيه "البروتي" و "الثمري"، إلى جانب الغطاء النباتي الطبيعي الغني جداً الذي يتألف من "الزعرور" و "الخرنوب" و "السنديان" العادي و "البلوطي" و "الآس" و "القطلب" و "الجربان" و "السويد" و "الغار" و "الزرود" والعديد من الجنبات والجنيبات المتنوعة» .
أما عن الحياة البرية فيقول: «يقطن الغابة العديد من الأنواع الحيوانية المميزة للبيئة المتوسطية وأهمها
"الخنزير" البري و "الضبع" و "الثعلب" و "الأرنب" البري و "الأفاعي" و "السحالي" و "الغرير" و "الذئب" و "القنفذ" و "أبو عرس" و "ابن آوى"، إضافة إلى العديد من الطيور الزائرة والمستوطنة ومنها "العصفور الدوري" و "الحجل" و "السمان" و "الشحرور" و "الفري" و "الدرغل" و "أبو الحناء" و "القرقفان" و "البلبل" وغيرها الكثير».