الميديون شعب كان يتكلم بلغة هندو- أوربية وقد أسلفنا أن الشعوب الهندو- أوربية هاجرت بداية الالف الثانية قبل الميلاد إلى المناطق الممتدة من كردستان الى الهند وان كان نزوحهم للهند مؤرخاً بنحو 1600 قبل الميلاد . الا ان اول ذكر للميديين يرد في السجلات الآشورية كان ايام الملك الاشوري شلنمنصر الثالث (تحديدا 835 قبل الميلاد) حيث كان هذا اول احتكاك بين الميديين و الآشوريين الذين كانوا يوسعون إمبراطوريتهم في جميع الجهات. لقد كان الملوك الآشوريين يصفون الميديين بالأقوياء وقد نجحوا في اقصاء البعض منهم وعقدوا المحالفات مع بعض الاخر فيما بقت اقسام منهم غير خاضعة للآشوريين. وقد لعبت السياسة الدولية آنذاك كما هو الحال اليوم دورا كبيرا في توجيه الأحداث. فالآشوريين كانوا في حالة حرب مستمرة مع الدول المجاورة ومنها دولة اورارتو Urartu التي كانت مدينة (توشبا)Tushpa الواقعة على الضفة الشرقية لبحيرة (وان) عاصمتها فكان كل طرف يسعى للحصول على حلفاء بين شعوب المنطقة و يسعى لاقتطاع جزء من ارا ض غريمه فمثلا عقد ملك اورارتو روسا الثاني حلفا مع بعض الحكام الميديين منهم دايائوككو Daiaukku الذي يقارنه البعض مع اول ملوك الميديين والذي يسميه ألاغريق بديوكس Deioces غير ان الراجح هو انهما شخصا مختلفان وكذلك مع حاكم آخر باسم باكداتي Bagdatti (الذي يعني اسمه هبة الله) وغيرهما، وكان من نتيجة الحلف ان تم اقتطاع اجزاء من اراضي ماننا جنوب بحيرة اورمية و التي كان حاكمها تابعاً للآشوريين و ما كان من الملك الآشوري سرجون الثاني حينذاك إلا ان هاجم الحلفاء في حملة طويلة ( 714 قبل الميلاد) اعاد فيها الأمور الى نصابها. استمرت الحملات الآشورية على بلاد الميديين الا اننا نرى تراخى قبضتهم عليها بالتدريج حيث نرى الملك الاشوري اسرحدون (681-669 قبل الميلاد) يعقد اتفاقا مع احد حكامهم المدعو راماتايا يتعهد بموجبه بمساعدة ابن الملك الاشوري عندما يعتلى العرش ضد أى تهديد. هذا وقد تحول الميديين الى الهجوم ايام ملكهم فرائورت حيث اغار على البلاد الخاضعة لاشور عام 634 قبل الميلاد من غير ان يتمكن في تحقيق أمله، أما سلفه هوفارخشاثرا الذي يدعوه لأغريق بكياكسارس فقد تمكن بالتعاون مع البابليين من تحطيم اشور نهائيا. ايام الملك المذكور كانت ميديا واقعه تحت سيطرة السكيثيين وهم احد الشعوب المحاربة التي غزت كردستان و القفقاس من جنوب روسيا، وحسب المصادر اليونانية فان الملك المذكور دعى السكيثيين الى وليمة اغدق عليها فيها بالأكل و الشراب حتى اثملهم ثم اعطى ألاوامر الى رجاله بالانقضاض عليهم و استعادت ميديا حريتها . هذا وقام الملك الميدى ببناء جيش قوي غزا به البلاد التي كانت تحكمها اشور حتى اذا كانت سنة 612 قبل الميلاد قام بالاستيلاء على مدينة اشور ، العاصمة لقديمة و المركز الديني. قبل ذلك كان البابليون بقيادة نابوبلاصر قد طردوا الاشوريين من بلاد بابل غير انه لم يكن في مقدورهم دحر الدولة الاشورية الا عندما ألقت ميديا بثقلها في الحرب ضد اشور، هنا تشجع البابليون وزحفوا شمالا وعند أسوار اشور التي كان الميديون قد استولوا عليها عقد الحلف بين الدولتين وزحفوا معاً ضد نينوى، العاصمة الاشورية، وبعد حصار المدينة سقطت العاصمة الاشورية و سقطت معها الدولة التي دوخت المنطقة و اهلكت الحرث والنسل وتحققت نبوة ناحوم ا، احد أنبياء بني إسرائيل حيث قال أيام مجد الدولة الآشورية بان تلك الدولة التي تتوجه نحوها الشعوب و الدول بالخضوع ستزول وان عورتها ستنكشف وان كل من يسمع خبرها سيصفق فرحاً ((فمن ذا الذي لم يلحقه شرك المستطير على الدوام؟)). توجه الجيش الاشوري بعد ذلك نحو حران ووصلت معونة من المصريين لكن بعد فوات الاوان حيث احتلت حران و زالت الدولة الاشورية نهائيات من الوجود. قام هوفارخشاثرا بعد ذلك بغزو ليديا وهي المملكة الذي كانت تحكم النصف الغربي من اسيا الصغرى وحسب الروايات فان كسوفا للشمس وقع اثناء القتال فتشائم الطرفان وتوقف القتال و عقد الصلح بينهما على ان يكون النهر الذي يسمى اليوم بـ (قزل ارماق) هو الحد الفاصل بين الدولتين كما امتدت حدود الدولة الميدية الى باختريانه (باكتريا) في افغانستان الحالية شرقاً و الخليح العربي جنوباً. زالت الدولة الميدية حوالى 550 قبل الميلاد على يد الفرس وهم الشعب الذي كانوا يسكنون في أقصى جنوب إيران الحالية وذلك زمن الملك الميدى الذي يسميه الاغريق (استياغس) ويسميه الملك البابلي بـ (اشتوميكو) وكان سقوطه على يد كورش و انشأت على يدي الاخير الإمبراطورية ألاخمينية والتي استولت ايامه على بلاد بابل واحتلت ايام اسلافه مصر و دخلت في نزاع مع الدويلات ألاغريقية غرب اسيا الصغرى وكانت بداية الصراع اليونانى -الفارسي.