زواج الخطيفة

موضوع: زواج الخطيفة الأحد أكتوبر 04, 2009 10:32 pm

زواج الخطيفة

الجو حار خانق و السكون يطبق على المكان ثقيلاً و جافاً و الملل الذي لانهاية له يكاد
يخنقني
جلستُ أمام جهاز التلفاز علني أجد برنامجاً مفيداً أشاهده أمسكت بجهاز التحكم و بدأت انتقل من محطة إلى أخرى و لكن دون جدوى فالبرامج هي نفسها مملة و مكررة وكأن المحطات كلها اتفقت على تطفيش المشاهدين و جعله مكتئباً و ميؤوساً من نفسه
نظرتُ إلى أمي التي كانت ممددة على أرضية الغرفة الباردة مستمتعة و كأنها تمددت
على شاطئ بحر هادئ
كانت تحدق في سقف الغرفة لا أعرف ماذا كانت تتأمل و بماذا كانت تفكر ربما كانت تعد نجوم الظهر كما يقولون
ترى أي أفكار كانت تأخذها بعيداً و تجعلها هادئة هكذا
أردتُ إخراجها من صمتها و جرها إلى حديث لعلني أقتل هذا الوقت البطيء
ناديتُ عليها فلم ترد علي و بقيت ساكنة دون حراك عدتُ مرة أخرى و ناديتها باسمها هذه
المرة فالتفتت إلي فجأة و أجابت نعم ماذا تريدين
فقلت لها بكل جدية أمي لقد قررت
سألتني دون أي اهتمام و ماذا قررتِ
لقد قررتُ أخيراً أن أرتبط ياأمي
نظرت إلي مستغربة و يبدو أنني نجحتُ في إثارة فضولها و سألتني ماذا ترتبطين و هل جاءنا خاطب و أنا لا أعلم
أجبتها بتأفف لا لم يأتي أحد و لكنني مللتُ من حياتي التي تسير على وتيرة واحدة لذلك قررتُ أن ادُخل عليها قليلاً من الإثارة و الحركة
و ماهي الإثارة التي ستدخلينها إلى حياتك تساءلت أمي
سأخرج إلى الشارع و أول شاب يعجبني سأتمسك به كدودة العلق و لن أتركه أبداً فأنا أيضاً أريد أن أتعلق بيد خطيبي و أجره ورائي في شوارع المدينة ليتفرج عليه الناس كما تفعل فتيات هذه الأيام و هن يتعلقن بيد خطيبهن و انو فهن لفوق عشرة أمتار و كأنهن فتحن بلاد الواق واق
و لكن يا ابنتي الشباب هم الذين يقررون الزواج لأن المبادرة يجب أن تكون منهم في الذهاب إلى أهل الفتاة و طلب يدها و ليس العكس
فقلتُ لها و أنا أهز رأسي بكل وقار اعلم ذلك جيداً يا أمي و لكنني قررتُ سحب الترخيص منهم و كسر هذه القاعدة فهي أصبحت متخلفة و أكل الدهر عليها و شرب و لم تعد تنفع في أيامنا هذه و إذا لم توافقوا عليه فسوف أهرب معه خطيفة ليس على حصان أبيض كما يكتبون في الروايات الرومانسية أو كما يعرضونها في الأفلام العاطفية و لكن يكفيني أن يأتيني بحمار صغير حتى لو كان حمار أسود اللون و أجرب و مقطوع الذيل و مريض و أصابته الجلطة مئة مرة و لم يستطع الابتعاد عن باب البيت سوى خطوتين فقط ثم سقط صريعاً فهذا كله لا يهمني المهم أنني سأشعر أني فعلتُ شيئاً جديداً في حياتي فالقليل من الرومانسية تكفيني ثم أنني لن أتخلى عن حب حياتي بسهولة
ردت علي أمي بسرعة و لكن هذا لا يجوز و هو معيب جداً
نعم أؤكد لك أنني أدرك ذلك جيداً يا أمي العزيزة و لكن لا اعتقد أن أحدا سيلومني فاطمئني لقد قمت بدراسة الموضوع من كافة جوانبه و قلبته رأساً على عقب و توصلتُ إلى نتيجة مفادها فبما أن جدي و جدتي لأبي هربا معاً لكي يتزوجا و ينقذا حبهما الكبير و كذلك الأمر بالنسبة لامك و أباك فأنا اعتقد أن الأمر قد انتقل إلي وراثياً لذلك سأرمي عبء المسؤولية الأخلاقية على كاهلك أنت و والدي
مع أنني ألومكما أنتما الاثنين لأنكما لم تهربا معاً و بهذا كسرتما السلسلة بيني و بين أجدادي فقد كنت أتمنى أن أسير على خطاكما بكل فخر ياالهي أي ذنب اقترفت ُ في حياتي حتى ابتليتُ بهذه العائلة الغريبة
ردت علي أمي بغضب و قالت اسمعيني جيداً يا ذكية في ذلك الوقت لم يكن الخطيفة معيباً كما هو الان فان فعلت فسوف تقلبين العائلة كلها عليك ثم أي حب حياتك هذا الذي لن تتخلي عنه حب في دقائق
فأجبتها مدعية اقتناعي برأيها و قلتُ لها حسناً أنت على حق و الآن اخبريني كيف كانت تجري هذه الأمور حدثيني عن زواج الخطيفة في تلك الأيام و لماذا كان الناس يفعلونها
فرفعت أمي رأسها تريد النهوض
أوقفتها فجأة و قلت لها قفي و لا تتحركي و عودي إلى وضعك السابق لان المعلومات سوف تطير من دماغك فكلما رفعت رأسك بمقدار سم واحد سيطير عشر كلمات انتظريني ريثما أتي بورقة و قلم
عادت أمي المسكينة إلى وضعيتها السابقة مصدقة كل كلمة قلتها فهي تظنني ( شوي فهمانة ) و بدأت تسرد لي عن زواج الخطيفة
زواج الخطيفة كان موجوداً منذ القدم و بكثرة و لم يكن ذلك يشكل أمراً معيباً كما هو الآن لأنه كان أمرا تفرضه الظروف الموجودة في ذلك الوقت
مثلاً إذا أحب كل من الشاب و الفتاة بعضهما البعض ودام الحب بينهما لفترة طويلة و تعاهدا على الإخلاص في ذلك و في النهاية إذا تقدم الشاب لخطبة الفتاة و رفض والدها تزويجها كان يرسل العديد من الوسطاء ليس مرة واحدة بل مرتين و ثلاث و أربع بعدها إذا بقي والد العروس متمسكاً برأيه لم يجد الاثنين سوى الهروب يلجأن إليه
بعد ذلك كان والد الشاب يذهب إلى بيت والد العروس من اجل أن يعطيه المهر و يعقد قرانهما درئاً للمشاكل و كان والد الفتاة يرضخ للأمر أحيانا و أحيانا أخرى يتعنت في رأيه و يرفض المصالحة
أسباب عدم موافقة أهل الفتاة على الشاب كانت عديدة منها زواج المبادلة الذي كان منتشراً بكثرة في ذلك الوقت أي أن يتزوج كل شاب من أخت الأخر بدل دفع المهر
أو أن يكون السبب الناحية المادية فإذا كان والد الفتاة غنياً أو العكس فالاثنان كانا يتكبران على بعضهما البعض و لا يجد الطرف الأخر لائقاً لعائلته
أو إذا كان والد الفتاة يريد تزويج ابنته لرجل غني و صاحب اسم معروف حتى لو كان كبيراً في السن أو كان متزوجاً و لديه أولادا كان الذي يهمه هو أن يرفعوا من شأن أنفسهم أمام الناس بتلك المصاهرة و كان والد العروس يتحجج أحيانا بالبنت الكبرى إذا لم تكن قد تزوجت بعد أي انه لا يجوز تزويج الصغرى قبل البنت الكبرى
طبعاً كل هذه الامور كانت تجعل الطريق مسدوداً أمام الشاب و الفتاة دون أي حل آو أمل على موافقة الأب فكان الهرب أخر الحلول
و عندها لم تكن الفتاة تستطيع العودة إلى أهلها لفترة طويلة
بعض الآباء كانوا يندمون لأنهم لم يوافقوا على الأمر منذ البداية و تجنبوا المشكلة و البعض الأخر كان يظل على موقفه أكثر و يمنع المصالحة مع أهل العريس أو ابنته و يمنعها من رؤية أهلها نهائياً
كل هذه الأمور لم يكن يشكل أمرا معيباً كما هو الآن فزواج الخطيفة انعدم تماماً لان الحب بين العديد من الشباب و الفتيات لم يعد مخلصاً كالسابق و أيضا انتشار الوعي بين الناس فقد أصبحوا ينظرون للأمر على انه عار و خطأ كبير جداً كما أن كل شئ الآن يسير حسب الأهواء و المصالح و الآباء لم يعودوا يتعنتون كالسابق فظروف الحياة تغيرت و أصبحوا يوافقون على أي عريس يرونه مناسباً لابنتهم هذا هو كل شئ عن هذه الطريقة في الزواج
بعد أن انتهت أمي من سرد كلامها قالت و هي تخاطبني و الآن أما زلت تريدين الهرب
فرفعتُ رأسي عن الورقة التي كنت اكتب فيها و قلتُ هرب أي هرب و من ذكر سيرة الهرب
أجابتني أمي أنت قلت منذ قليل انك ستهربين مع أول شاب تجدينه في الشارع
قلتُ لها مستغربة و أنا أتصنع المفاجئة من الشارع و هل أولاد الناس أصبحوا الآن مرميين في الشوارع يا الهي يا أمي أنت فعلاً امرأة عجيبة تدخلين في رأسي البريء أفكارا غريبة لا تخطر على بال احد ( أل اهرب أل شي حلو والله ) لا عجب أن والدي رفض الهرب معك
و قمت و خرجت من الغرفة و هي تنظر إلي مستغربة من انقلابي المفاجئ عليها

فعال المشاركات : 35 تاريخ التسجيل : 04/05/2008

شكرا نيشان على الموضوع

وبيمس الواقع وبما انو على اساس انو صاير تحضر قلت هالظاهرة شوي

يعني سواء اذا بنت او شب حبو بيأخدو الي بيحبو وبدون عوائق

وزماناا كان في غصب بالزواج فامشان هيك كان الظاهرة منتشرة كتير

بس هلى لاء كل واحد بيأخد برائيو

شكرا عالموضوع

طريقة توصيلة لفكرتك رائعة جدا ......
والأروع من ذالك لو أنك ارسلتيها مباشرة
ميزة طلب الخطوبة والارتباط هي للشباب والرجال لئن الله خلق الحياء والخجل في المرأة حتى في الجنة لا تتزوج أكثر من شريك فحيائها هي التي اسمتها حواء
مع التنويه أن بعض القبائل في افريقيا تقوم الفتاة بخطوبة الشاب وهي عادة فلكلورية لقبائل لا تعرف الانسانية بعد ويعيشون في الغابات الى الآن
لهذا لا أنصح أختي ابدا ابدا بأن تكون المبادرة من قبلها _ بنظري هي أهانة لأنوثتها _ وهي تنقيص للشاب .
أما الخطيفة في مجتمعاتنا فهي شبه منقرضة ماعدا قومية الجركس فا الخطيفة هي الخطوبة بينهم ثم يتصالح الأهل بعدها ويحددون موعد العرس وهذه العادة ايضا اصبحت قليلة الأ لأحياء الفلكلور عندهم لا غير
والخطيفة بنظري هي عار كل العار خصوصا في زمننا هذا , وعقد الزواج ليس حصريا للشاب والفتاة هو عقد بين عائلتين كاملتين, حتى ذهب بعض الأئمة الكرام في تعطيل عقد الزواج في حالة وجود معارض من قبل الأولياء الامور
هذه وجه نظري فقط , اتمنى أن تقبليها مني يا أختي العزيزة

والسلام عليكم