ألغاز حيرت قد حلت
على مر التاريخ، سُحر الإنسان بالأمور الغامضة، أحبها وبحث عنها لأنها تحرك فيه الشعور بالانتماء لشيء كبير، عالم لا متناهي في أسراره وغير مفهوم في كل تحركاته.
ربما كان غموض بعض الظواهر الطبيعية مفيد لنا على مر آلاف السنين لأنه كان أحد الدوافع التي أدت بالمفكرين والعلماء والفلاسفة إلى البحث عن إجابات، أدت بالإنسان إلى اكتشاف الكثير من الحقائق التي لم يعرفها.
لكن من المؤسف حقاً أن نجد اليوم، ومع كل المعارف التي وصلنا إليها، مَن لا يزال يؤمن بألغاز لم تعد ألغازاً لأن العلم قدم لها تفسيرات علمية وحللها وأزال عنها الغموض منذ سنوات.
لماذا يؤمن الكثير من الأشخاص المنطقيين في تفكيرهم بأمور غير منطقية ؟؟ سؤال حير العلماء فعلاً .. !
لماذا لا يقوم كل منّا بدراسة كل ما يصله بطريقة منطقية ؟؟ لماذا لا يحاول كل شخص منا البحث عن الحقائق، الرجوع إلى المصادر لتحليلها قبل أن يصل إلى نتيجة نهائية ؟؟ لماذا يركن الكثيرون إلى التفسيرات الجاهزة التي تصلهم مع أنها (بشكل واضح) تخالف المنطق والتفكير السليم ؟؟
هناك العديد من العوامل التي تؤدي إلى هذه النتائج، فحسب تحليل الكاتب المتخصص في العلوم "مايكل شيرمر" يقول :
"من هذه العوامل نجد الأفكار المتوارثة، تأثير الأصدقاء، الضغط النفسي من الآخرين، المستوى التعليمي والخبرات الحياتية .. كل هذا يدفعنا إلى الاعتقاد بما يعتقد به الآخرون ويجعلنا نبحث عن ما يؤيد معتقداتنا ونتجاهل كل ما يعاكسه."
فلنبحث سريعاً ببعض المعتقدات السائدة نرى إن كانت بالفعل ألغازاً أم لا :
بطارية بغداد
منذ اكتشافها عام /1936/ وهذه البطارية مصدر العديد من الأقاويل ومركز لغز كبير .. هل عرف أهل تلك المنطقة الكهرباء قبل "أليساندرو فولتا" بألفي عام ؟؟
ما يؤكد عليه المتخصصون أنه لا يوجد أي دليل يثبت أن هذا الشيء هو بطارية أصلاً، ربما يكون القدماء قد استخدموه كممثل للآلهة، فهناك دلائل كثيرة على أن آخرين في مناطق مختلفة استعملوا أشياء كهذه لأغراض دينية.
لم يتم العثور على أحد العوامل الضرورية لاستعمال الكهرباء، لم يتم العثور على أسلاك معدنية، كيف سيكون هناك كهرباء ولا يوجد أي موصل للكهرباء من المفروض أن "البطارية" تقوم بإنتاجها ؟؟
هناك من أوصله خياله، كما هو الحال مع أهرامات الجيزة، إلى القول أن من قدم مساعدة للقدماء في صناعة هذه "البطارية" هم مخلوقات قادمة من كواكب بعيدة (Aliens) أو سكان ما يسمى بقارة أطلنطس .. إذا كان فعلاً هذا هو ما حصل، أليس من المنطقي أن يكونوا قد أعطوهم شيئاً أكثر تطوراً وليس بهذه البدائية وهذا الضعف في الناتج الكهربائي ؟؟
تشريح المخلوق الفضائي
في العام /1995/ أعلن البريطاني "ري سانتيللي" عن أنه يمتلك فيلم يظهر بوضوح إجراء عملية تشريح على جثة مخلوق فضائي، حسبما جاء التوضيح، فقد تم التصوير بعد حادثة سقوط المركبة الفضائية مجهولة الهوية "UFO" في منطقة روزويل في العام /1947/ بعد أن عرض الفيلم، لم تتمكن الشركة المنتجة للشريط الفيلمي "كوداك" ولم يتمكن أي شخص من الحصول على أي جزء من الشريط الفيلمي الأصلي لدراسته، أضف إلى ذلك أن كل المتخصصين في التصوير أعلنوا بشكل قاطع أن الفيلم ملفق .. أما المتخصصون في علم التشريح فقد وجدوا العديد من التفاصيل الغريبة :
أسلوب تنفيذ عملية التشريح لم تتم بالصورة التي في العادة يتبعها شخص محترف في المجال، كذلك الأدوات المستخدمة ليست الأدوات المستخدمة في العادة من الأطباء المتخصصين في التشريح.
من الواضح إذاًَ أن الفيلم ما هو إلا تزييف تم تنفيذه بشكل محكم، ولإثبات ذلك قام أكثر من متخصص في التصوير والتشريح بعمل أفلام مماثلة لإظهار أنها زائفة.
نقطة في غاية الأهمية : الحادث المزعوم في روزويل لم يحصل أبداً، حيث وصلت كل التحريات إلى أن ما كان قد سقط وتحطم ما هو إلا بالون أرصاد جوية.
الرسومات في الحقول
في هذه الحالة، لا توجد أي ظاهرة طبيعية بحاجة إلى تفسير، وكما الحال في غيرها من الظواهر الملفتة للانتباه، ينسبها الكثيرون إلى قوى غريبة عن كوكبنا جاءت لـ"تقضي وقت فراغها" في إعطائنا رسائل مخفية وإشارات ذات معنى.
الحقيقة هي أن كل هذه الرسومات جاءت من مصدر ذكي واحد .. الإنسان .. وهذا تأكد للجميع عندما تقدم كل من "ديفيد تشورلي" و"دوغلاس بوير" في العام /1991/ وأعلنوا أنهما كانا الفنانين اللذين قاما بهذه الرسومات بل أنهما قاما بتقديم النصائح لمن يرغب بالقيام بأعمال "فنية" مماثلة.
القدرات البشرية الخفية
سيكون بالفعل أمراً في غاية الأهمية أن نكتشف أن للإنسان قدرات خارقة مثل تحريك الأشياء عن بعد دون لمسها أو توارد الخواطر أو غيرها، هذا سيثبت قطعاً وجود قوى مجهولة تعصى على الفهم العلمي بمفهومه الحالي.
لكن .. من جديد نجد أنه - ورغم العديد من التجارب - لم يتمكن أحد من إثبات وجود هذه القدرات تحت المراقبة من قبل متخصصين في كشف الخدع والألاعيب، وفي الكثير من الحالات، تم اكتشاف أن من يدعي امتلاك هذه القدرات يستعمل ظواهر علمية طبيعية ليتمكن من تنفيذها كما هو الحال مع الروسية "آلا فينوغرادوفا" تمتلك قدرات خارقة على تحريك الأشياء بتقريب يديها لكن دون لمسها في حين أنها كانت تستخدم الكهرباء الساكنة لتتمكن من ذلك.
مثلث برمودا
في المنطقة الواقعة في المثلث الواصل بين ميامي وجزر برمودا وجزيرة بورتوريكو، تتحدث الأسطورة عن الاختفاء الغريب وغير المبرر لسفن وطائرات كثيرة .. بدأت الأسطورة من كتابات "تشارلز بيرليتز" الذي باع ملايين النسخ من كتبه التي تحدثت عن هذا المثلث "المرعب".
بعد أن قام الكثير من المتخصصين بفحص إدعاءات مروجي قصص مثلث برمودا، اتضح أن العوامل التي أدت لحصول الحوادث القليلة التي يتم ذكرها باستمرار كانت تعود إلى قلة خبرة الطيارين الذين تصادف وجودهم في المنطقة مع مرور عاصفة أو إعصار، وفي معظم الحالات الأخرى الخاصة بغرق سفن أو سقوط طائرات، اتضح أن الحوادث الخاصة بها لم تقع في المثلث المذكور وإنما في مناطق أخرى من العالم وأن كتّب هذه القصص استخدموها لزيادة كم الخوف والغموض حول مثلث برمودا.
بالرجوع إلى سجلات البحرية الأمريكية، نجد أن أكثر من /150000/ سفينة تمر سنوياً داخل منطقة المثلث المزعوم وأنها من أقل المناطق في العالم من ناحية وقوع حوادث بحرية أو جوية.
من المنطقي القول أن منطقة مثلث برمودا لا يوجد بها أي قوى غامضة أو ألغاز عصية على التفسير.