زواج المقايضة

زواج المقايضة ( البدائل ) جمع أربع رؤوس بالحلال
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

تكثر ظاهرة زواج المقايضة أو البدائل في المناطق الريفية، ويشكل هذا النوع من الزواج النسبة الأكبر من بين حالات الزواج في مناطق ريف حلب، فالظاهرة موجودة في كل عائلة تقريبا، وتنتشر هذه الظاهرة بين الأميين أكثر مقارنة مع الطبقة المتعلمة والذين غالبا ما يرفضون هذا النوع من الزواج لمعرفتهم المسبقة بمساوئه ورغم ذلك توجد هذه الظاهرة بينهم وإن كان بشكل نادر جداً. ويعود سبب انتشار هذه الظاهرة إلى ضغوط الأهل على الأبناء خوفاً من مشكلة العنوسة أو لأنهم لا يستطيعون تزويج ابنهم بسبب ارتفاع تكاليف الزواج العادي فيلجئون إلى زواج البدائل.

معنى زواج المقايضة
الزواج عن طريق المقايضة أو البدائل هو أن يتزوج شاب من فتاة مقابل أن يتزوج أخو تلك الفتاة من أخته؛ أي إن الشاب يبدل أخته بفتاة أخرى، وهنا يسقط مهر الفتاة الذي يعتبر حقها ويكون مهرها هو الفتاة التي تقدم لأخيها، وتكون النهاية ارتباط كل زوجين شريطة ارتباط الزوجين الآخرين ببعضهم.
أية مشكلة تنعكس على جميع الأطراف
حالات كثيرة أظهر فيها المتزوجون بطريقة البدائل أن أي مشكلة بين طرفين وإن كانت صغيرة ستؤثر سلباً على الطرف الأخر بشكل مؤكد وذلك بسبب تدخل الأهل في الخلافات بين الطرفين، وهذا التدخل غالباً ما يؤدي إلى مشاكل لا حصر لها فالأطراف أصبحوا أكثر من أربعة أشخاص وكبرت دوامة التدخلات والتي قد تنتهي إلى شبه قطيعة بين الابن وأهله.
مشاكل المتزوجين بهذه الطريقة
حالات كثيرة حاولنا الحديث معهم، بعضهم رفض وبعضهم وافق شرط عدم ذكر الاسم الكامل ولكن في حالة واحدة استطعنا أخذ رأي الأطراف الأربعة (محمد وخالد وبديلاتهما ليلى وفاطمة ).
محمد وخالد في العقد الرابع من عمرهم أما أعمار بديلاتهم 38 سنة و39 سنة، تزوجوا منذ 8 سنوات والآن لدى محمد وليلى أربع أولاد ولدى خالد وفاطمة ثلاثة أولاد.
محمد حاصل على الشهادة الثانوية والموظف بإحدى الدوائر الحكومية والوحيد بينهم المتعلم يقول:
أردت أن أتزوج مثل أقراني من فتاة أعجبت بها في وظيفتي ولكن أهلي رفضوا وأصروا أن أتزوج على طريقة البدائل خوفاً من عنوسة أختي، " وحسب تعبيرهم كي ( يضربوا عصفورين بحجرة ) أي تزويجي وتزويجي أختي معاً، وبعد تأجيلي الزواج لعدة سنوات كي يأتي نصيب أختي ( والذي لم يأتي ) رضخت لطلبهم وجلنا عدة منازل لأرى الفتاة التي ستصبح شريكة حياتي والشخص الذي سيصبح صهري، وهو عبارة عن لقاء قصير كي نرى الفتاة المطلوبة، وبعد عدة لقاءات وافقت على الزواج من ليلى مقابل أن يتزوج أخوها من أختي، ولكن مع بداية حياتنا الزوجية ظهرت مشاكل لا حصر لها، فاهتماماتي تختلف عن اهتمامات زوجتي كلياً وعانيت صعوبات كثيرة لعدم تأقلمنا مع بعض، فقررت بعد أن انفصلت عن أهلي أن أتزوج مرة ثانية، ومعاناتي الآن هي ما يحدث من خلافات بين زوجتي الأولى والثانية.
أما زوجته ليلى تقول: تزوجت من محمد بناء على رغبة والديّ، فرأي المرأة لا يأخذ في الزواج حسب تقاليدنا الاجتماعية والأهل هم الذين يقررون زواج الفتاة، وفي الفترة الأولى من زواجي واجهنا مشاكل عديدة وصبرت على وضعي لأن مجتمعنا يرفض نهائيا فكرة الطلاق وكأنه محرم، أما الآن فلدي أربعة أطفال أهتم بهم ولكن ما زاد المشكلة تعقيداً هو زواجه الثاني وخاصة أن زوجته الثانية تعيش معنا في نفس المنزل.
أما خالد يقول: تزوجت بهذه الطريقة إرضاءً لوالديّ وكي أحل مشكلة تأخر زواج أختي، وحدثت بعض المشاكل بيني وبين زوجتي ولكن كنا نحاول حلها " حل وسط غالباً " إلى أن تزوج أخو زوجتي على أختي، فبدأت محاولات أهلي لإرغامي على الزواج مرة أخرى رداً على زواج أخو زوجتي ولكني لم أرضخ لهم فأنا لا أستطيع أن أتكفل بمصروف زوجة ثانية، وليس لدي سكن مناسب لزوجتين، كل هذا أدى إلى قطيعة بيني وبين أهلي لأنني لم أتزوج مرة ثانية.
رأينا نفس المعاناة عند فاطمة والتي أضافت: أنا الآن قلقة من ضغوط أهل زوجي عليه ليتزوج مرة ثانية مثلما فعل أخي، فزواج البدائل يعني أن يكون كل شيء بين الطرفين متساوياً، إذا تزوج واحد مرة ثانية على الأخر أن يتزوج أيضاً، ولا يحسبون حساباً لاختلاف الأسباب والظروف.
العين بالعين والسن بالسن والكل ظالم
تقول أمينة : إن لزواج البدائل سلبيات كثيرة، فمثلاً إذ أختلف أخي وزوجته لسبب ما وحصل بينهم خلاف سيؤثر ذلك علي، فمرة أرسل أخي زوجته إلى منزل أهلها ثم جاء وطلب مني أن أذهب معه بسبب خلاف بينه وبين زوجته رغم عدم وجود أي مشكلة بيني وبين زوجي فاضطررت للذهاب معه، وبعد فترة تدخل أهلي وأهل زوجي وحلوا المشكلة فعدنا إلى منزلنا، و هذه الحالة مستمرة، فأي خلاف بين طرفين يؤثر على الطرف الآخر مباشرة وإذا ضرب أخي زوجته فسأتلقى الضرب حتماً، وإذا اشترى زوج لزوجته ثياباً جديدة على الطرف الآخر أن يشتري، وإذا حصل طلاق مثلاً بين طرف فحتماً سيؤدي إلى طلاق الطرف الثاني، وهكذا فالمبادلة تكون بالمشاكل والخلافات أيضاً.
توطيد العلاقات الاجتماعية أم تفكك الأسر
يرى بعضهم في زواج المقايضة حل لمشكلة العنوسة عند البنات، وطريقة لتوطيد العلاقات الاجتماعية بين الأسر، ولكن الواقع يثبت عكس ذلك، فأغلبية الفتيات يفضلنَّ البقاء عانسات على زواج البدائل. تقول شيرين ( 29 عاماً ) : أنا تزوجت كبديلة لأخي بضغط من أهلي وكانت نتيجته زواج غير متكافئ من جميع النواحي، فالشخص الذي ارتبطت به رأيته " خمس دقائق ثم قرر أهلي تزويجي له مقابل أن يتزوج أخي أخته وذلك كحل للوضع المادي الصعب الذي نعاني منه، حيث لا يستطيع أهلي تزويج أخي بالطريقة الملائمة بسبب غلاء المهور وبالتالي فهم يجدون في زواج البدائل الحل، ولكنه أسوء الحلول برأيي، فالمشاكل بدأت بين الطرفين بعد حوالي شهرين من الزواج، فأية مشكلة مهما كان سببها ومن كان مسببها تنعكس على الطرفين، فبسبب خلاف بين أخي وزوجته انقطعت العلاقة بين الأسرتين، والآن أنا وبديلتي نذهب لزيارة أهلينا معا وبوقت محدد لنا ويجب علينا أن نعود معا ولا يجوز لواحدة أن تبقى عند أهلها أكثر من الأخرى وأن حدث ذلك لأي سبب فأن ذلك سيعقد الأمور أكثر، وبصراحة هذا الزواج حول حياتنا إلى جحيم.
زواج المقايضة من الناحية الشرعية
عبد الله غريب خريج كلية الشريعة والقانون من جامعة الأزهر يقول: إن زواج البدائل كان موجوداً في الجاهلية ولكن بصيغة مختلفة قليلاً وكان يُسمى ( زواج الشغار ) وزواج الشغار بشكله التقليدي المعروف باطل في الإسلام، وقد حرّمه رسول الله بقوله: لا شغار في الإسلام، لانتفاء المهر الذي هو شرط لعقد الزواج، ولكن الصيغة المعروفة في مجتمعنا في الوقت الراهن تختلف عن الصيغة الجاهلية، فالمهر يقرر بطريقة شكلية، وهناك عقدان لكل طرف، فالمتعارف عليه بين الذين يتزوجون بطريقة البدائل أن يقوم الأهل بعد حضور الزوجات لمنزل الزوجية بعقد زواجهما رجل دين محلي بعقد زواج خارجي كتقليد اجتماعي ثم يسجل هذان الزوجان بعقدين مستقلين فالقانون السوري لا يعترف بزواج الشغار وبهذا يكون لهذين العقدين الصيغة الشرعية والقانونية، ولكن وهنا المهم أن هذا الزواج له نفس
مضمون ونفس النتائج السلبية لزواج الشغار مما يوجب تحريمه.
فتاح عيسى